قالت ماريون: نعم، وعندنا مشكلة السمنة، وهي مشكلة ثراء، 25٪ من الأمريكيين مصابون بتضخم الجسم من الزيادة في الأكل، لكن الاقتصاد الرأسمالي يقتضي وجود الفقراء؛ إنهم هم الذين يشترون من السوق، وإذا وزع عليهم الفائض لم يذهبوا للشراء، وتنخفض بذلك القوة الشرائية، وتتكدس البضائع ويخسر أصحاب المصانع والشركات.
كنت أعرف أشياء جديدة كل يوم ، وأختار لأبحاثي الموضوعات الشائكة الصعبة، علاقة الاقتصاد بالطب والصحة والمرض، أسباب الفقر في أمريكا، أحوال الزنوج في هارلم وأصحاب الملايين في مانهاتن، نسبة مرض الدرن في حي بروكلين، علاقة العدالة الاجتماعية بالصحة.
موضوعات أبحاث جديدة، وعلاقات جديدة بين السياسة والطب، وبين الفرد والمجتمع، وبين الجسد والنفس والعقل.
ولم تكن هناك محظورات في البحث، أختار ما أشاء من الموضوعات، وليس هناك مكتب أمن في الجامعة ولا حرس من رجال البوليس.
والأساتذة لا يعلمون فحسب، ولكنهم يتعلمون أيضا، والمحاضرة لا تلقى والطلبة يستمعون ويدونون في الكشاكيل، ولكن الحوار يدور بين الأساتذة والطلبة والطالبات: حوار مفتوح ومناقشات، والأستاذ يعترف بأخطائه، ويعرف كل طالب وطالبة معرفة وثيقة، ونوع غريب من الإنسانية وروح الزمالة تشيع في الجامعة. •••
أصبح للهواء في الصباح برودة منعشة تملؤني حماسا ونشاطا وأنا ذاهبة إلى الكلية أحرك قدمي فوق الأرض اللامعة بخطوات سهلة خفيفة، كأنني ولدت هنا وسأموت هنا ولم أعرف مكانا آخر، صوت العجلات المسرعة فوق الكبري الحديدي أصبحت مألوفة، والبخار يتصاعد من ثقوب الأرض، وأصوات الهليكوبتر تمرق كالطيور بين ناطحات السحاب، ورائحة مياه المحيط وقراءة صحف الصباح وهدير المظاهرات والهتافات.
وأمطار الليل غسلت الأرض والهواء والبيوت، وكل شيء يلمع تحت الشمس.
وعينا ماريون الزرقاوان تلمعان وهي تستقبلني على الباب، اليوم مظاهرة!
منذ الطفولة وأنا أحب المظاهرات، عشق خفي لكل مظاهر التمرد على النظام، لهفة وانتظار غامض لوقوع خلل في الكون، أي خلل، وإن كان سقوط نجم من السماء أو ارتجاج الأرض بصوت الرعد والبرق.
أصوات الطلبة في المظاهرات كهدير الشلال، فوق جسدي تسري قشعريرة كاللذة الغامضة، هل يمكن حقا أن تسقط النظام؟
Bilinmeyen sayfa