وقال: كثيرون، وفي إبريل الماضي مات في السجن «ألبيزو كامبوز» المناضل البورتريكي، وقد قضى في السجن ثلاثين عاما.
وتبدد الاسترخاء الطارئ، وعادت عضلات جسمي مشدودة، وغادرت قاعة الخطب إلى قاعة أخرى علقت على جدرانها لوحات الفنانين الفلسطينيين: عيسى عبد المجيد وإسماعيل شموط؛ مأساة الشعب الفلسطيني تتجسد في الخطوط، أم تقف في العراء أمام خيمة سوداء تضم إلى صدرها طفلا وليدا، شيخ عجوز يتكور فوق الأرض وطفل وحيد يتأمل الطريق الخاوي بعينين خائفتين، شاب يحمل السلاح وعيونه نحو الوطن المسلوب.
انتهت أيام المؤتمر الستة بإعلان القرارات وانتخاب الأعضاء السبعة الجدد لمجلس إدارة منظمة الطلبة العرب ورئيسها الجديد.
وخلف أسامة الباز في رئاسة المنظمة طالب مصري آخر اسمه سعد الدين إبراهيم، وفي نهاية المؤتمر وزعت علينا ورقة مطبوعة عليها القرارات وضعتها في حقيبتي.
وبينما أنا أخرج من الباب رأيت صفوفا من الرجال العجائز الأمريكيين يدخلون إلى القاعة ذاتها، يرتدون ملابس عسكرية تشبه ملابس الجنود في القرن التاسع عشر، وعلى رءوسهم قبعات سوداء محلاة بريش النعام الأبيض، وعلمت أنهم في طريقهم لحضور المؤتمر رقم 109 للمحاربين القدامى في ولاية إلينوي.
وفي مقعدي داخل الأتوبيس المتجه نحو الساحل الشرقي لأمريكا فتحت حقيبتي وبدأت أقرأ الورقة التي وزعت علينا: أصدر المؤتمر الرابع عشر لمنظمة الطلبة العرب في أمريكا عدة قرارات خاصة بمختلف القضايا العربية، أوصى فيها بدعم منظمة تحرير فلسطين ماليا وأدبيا ومساعدتها على بناء جيش التحرير الفلسطيني، ومساندة مقررات مؤتمرات القمة العربية، وتأييد اتفاقية جدة، ووضع خطة موحدة لاستخدام البترول العربي في خدمة القضايا العربية، وأعلن المؤتمر تأييده للنضال الثوري المسلح لتحرير الجنوب المحتل والمطالبة بتكوين جبهة موحدة من القوى التقدمية العربية لمواجهة المخططات الاستعمارية وتحرير الخليج العربي وعمان، ولتنمية هذه المنطقة اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا عن طريق صندوق التنمية العربي، ومطالبة حكومة الكويت بمنع تسلل غير العرب إلى هذه المنطقة. ووجه المؤتمر نداء إلى حكومة السودان للوصول إلى حل لمشكلة الجنوب يصون وحدة السودان ويحبط المؤامرة الانفصالية الاستعمارية ضده، كما أوصى المؤتمر بزيادة النشاط الإعلامي للطلبة العرب في أمريكا وكندا، وخاصة في مواجهة تطورات السياسة الأمريكية نحو الشرق الأوسط.
لا زلت أحتفظ بهذه الورقة في مكتبي رغم مرور عشرين عاما على صدور هذه القرارات. لكنها تبدو وكأنها صدرت بالأمس. •••
في نيويورك قابلت عميد جامعة كولومبيا. كان اسمه الدكتور «تراسل»، قدمت له الاستمارة المملوءة بالبيانات، وأضفت من عندي خانة جديدة خاصة بالحمل، ودونت أمامها: حامل في الشهر الرابع.
وابتسم الدكتور تراسل وقال: هذه كلها أمور شخصية، والجامعة لا تطلب هذه البيانات.
وقلت: ولكن جامعة نورث كارولينا ...
Bilinmeyen sayfa