Zaki Najib Mahmud'un Düşüncelerinde Bir Yolculuk
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
Türler
وهو يواصل عرض الفكرة ذاتها بقوله: «لما كان المذهب الوضعي بصفة عامة، والوضعي المنطقي بصفة خاصة، هو أقرب المذاهب الفكرية مسايرة للروح العلمي، كما يفهمه العلماء الذين يخلقون لنا أسباب الحضارة في معاملهم، فقد أخذت به، أخذ الواثق بصدق دعواه ...»
26
ودخل في معارك فكرية هامة دفاعا عن العقل في دوره الحضاري. «كانت الخمسينيات في حياتي الثقافية، معركة متصلة حامية اللهب، أدافع فيها عن ضرورة التزام الإنسان في حياته العلمية بمنطق العقل، في صرامة لا تجد العاطفة ثغرة لها، تتسلل منها، فتضعف ذلك المنطق العقلي بميولها وأهوائها ...»
27
النظرة العلمية، والوضعية المنطقية، أو التجريبية العلمية كما يفضل مفكرنا تسميتها، يلتقيان مع «العقل» على صعيد واحد؛ ومن هنا كان دفاعه عن العقل.
أما النظرة العلمية فهي في أساسها وقفة عقلية تتميز بالخصائص الآتية: (1)
أولى هذه الخصائص نتيجة مترتبة على الوقفة العقلية، وهي أن تتحدد الأشياء بنسبها الصحيحة بعضها من بعض، بحيث يبدو الكبير كبيرا كما هو، والتافه تافها كما هو، فقد تهتم الدولة المتحضرة بمسألة علمية تريد لها أن تستقر في أذهان الناس، ولكنها تتغاضى عن توافه السلوك التي ربما اختارها هذا الرجل أو ذاك. (2)
ومن أبرز جوانب النظرة العلمية، وأكثرها أهمية بالنسبة لنا، أن ترد الظواهر إلى أسبابها الطبيعية، فلا يفسر المرض مثلا إلا بالجراثيم التي أحدثته، ولا يعلل سقوط المطر إلا بظروف المناخ ... وهكذا، ويترتب على هذا الربط السببي الصحيح أن نلتمس للأشياء أسبابها الطبيعية كذلك، فإذا أردنا غلالا زرعنا الأرض لنحصدها، وإذا أردنا قتالا حملنا له السلاح بمران واقتدار.
28
ومن هنا كان السحر، مثلا، هو الضد المباشر للنظرة العلمية، وللوقفة العلمية التي ندعو إليها؛ ذلك لأن السحر يعلل الأحداث بغير أسبابها الطبيعية، فإذا كانت علة المطر، مثلا، هي مقدار ما يتكثف من بخار الماء في الهواء، جعلها الساحر ورقة يكتب عليها أحرفا يختارها، أو عبارة يزعم لها القدرة على إنزال المطر. وإذا كانت علة الشفاء من مرض معين هو أن تزال الجراثيم التي تحدثه ، كانت هذه العلة عند الساحر «عفريتا» يسكن الجسد العليل، والشفاء من المرض إنما يكون بطرد هذا العفريت بأقوال تقال، وبخور يعطر جو المكان، ويطهره من الكائنات الشيطانية العابثة بأجساد الناس ... وهكذا.
Bilinmeyen sayfa