ومشاهدتهم لما هنالك والإقرار عليه كاف ومأذنته عظيمة وقد تقدم بيان ما فيها من الدرج ومع ذلك أنها واسعة بحيث يصعد إليها الدواب بالأحمال المثقلة من غير تعسف ولا تكلف لكن أقول كما قال شيخ شيوخنا سيدي أحمد بن ناصر اجتمع عليها أمران ظلم الأتراك وظلم الأعراب فكانت بينهما كالكرة (1) في أيدي الصبيان مع نفوذ الوعيد فيها من أمر الوباء حتى صارت في قلة بحيث انسلخت عن أوصاف الأمصار بل عن أوصاف المدن الصغار فهي الآن لا حمام فيها ولا سوق يعتبر منها غير أن الأتراك استولوا عليها استيلاء عظيما وما كان من المدارس والأحباس التي لم توجد في الأمصار هي في أيديهم يأكلون منها وينتفعون بها أتم انتفاع كالأملاك الحقيقة المباحة بل هي ليست لهم ولا أنهم من أهلها بل لما تمردوا وطغوا جعلوا جميع الخطط الشرعية لهم ظلما وعدوانا وهذا والعياذ بالله سبب اندراس العلم وأهله من كل وطن يوجد فيه ذلك.
وقد سمعت أن القاضي والمفتي فيها لا يتولى إلا بإعطاء لهم وارتشاء لديهم وكذلك في غيرها من عمالة الجزائر وقد قال بعض الفقهاء ممن شرح على المختصر كالشيخ إبراهيم الشبرخيتي أن المتولي للأحكام الشرعية بإعطاء منه فإحكامه مردودة وإن وافقت الحق (2) وصلاته للجمعة باطلة إن كان إماما فإن بطلت عليه بطلت على جميع من اقتدى به فينبغي للإنسان أن ينظر من كان سالما من هذه الجرأة الكبيرة والفرية العظيمة فيقتدى به أقول قد كان والدي رحمه الله ونفعنا به متبعا للسنة النبوية ومقتفيا للأحكام الشرعية حتى صارت له السنة طبيعة من طبائعه وصفة من أوصافه جعل المدخل وابن أبي جرمة أمامه بحيث تؤخذ السنة من فعله وقوله وحركته وسكونه واعتقاده إذا ذهب إلى بجاية وأدرك الجمعة هناك فلا
Sayfa 142