وملك عمل مغراوة بشلف، وحاضرته مليانة، فبعث عليها الحسن بن علي بن أبي الطلاق من بني عسكر، وعلي بن محمد الخيري من بني ورتاجن، ومعهما - لضبط الجباية واستخلاص الأموال - الكاتب منديل بن محمد الكناني، فارتحل هذان الأخوان يومئذ من الجزائر، واحتلا بمليانة، فحليا بعين منديل الكناني، فقربهما واصطفاهما، واتخذهما لتعليم ولده محمد. ثم هلك يوسف بن يعقوب سلطان المغرب، بمكانه من حصار تلمسان، سنة خمس وسبعمائة على يد خصي من خصيانه؛ طعنه فأشواه، وهلك. وقام بالملك بعده حافده أبو ثابت، بعد خطوب ذكرناها في أخبارهم، ووقع بينه وبين صاحب تلمسان يومئذ أبي زيَّان محمد بن عثمان بن يَغْمَرَاسَن، وأخيه أبي حمو، العهد المتأكد على الإفراج عن تلمسان، ورد أعمالها عليهم، فوفَّى لهم بذلك، وعاد إلى المغرب. وارتحل ابن أبي الطلاق، والخيري، والكناني من مليانة راجعين إلى المغرب، ومروا بتلمسان، ومع الكناني هذان الأخوان، فأوصلهما إلى أبي حمو، وأثنى عليهما. وعرَّفه بمقامهما في العلم، فاغتبط بهما أبو حمو، واختط لهما المدرسة المعروفة بهما بتلمسان. وأقاما عنده على هدي أهل العلم وسننهم؛ وهلك أبو حمو، فكانا كذلك مع ابنه أبي تاشفين إلى أن زحف السلطان أبو الحسن (المريني) إلى تلمسان، وملكها عنوة،
سنة سبع وثلاثين، وكانت لهما شهرة في أقطار المغرب، أثبتت لهما في نفس السلطان عقيدة صالحة، فاستدعاهما لحين دخوله، وأدنى مجلسهما، وأشاد بتكرمتهما، ورفع محلهما على أهل طبقتهما. وصار يجمل بهما مجلسه، متى مر بلمسان، أو وفدًا عليه في
1 / 47