لحمد ذوي المكارم قد ثناني ... فعال شكره أبدًا عناني
جزى الله ابن خلدون حياة ... منعمة وخلدًا في الجنان
فكم أولى ووالى من جميل ... وبر بالفعال وباللسان
وراعى الحضرمية في الذي قد ... حبا من وده ومن الحنان
أبا بكر ثناءك طول دهرى ... أردد باللسان وبالجنان
وعن علياك ما امتدت حياتي ... أكافح بالحسام وباللسان
فمنك أفدت خلًا لست دهري ... أرى عن حبه أثني عنان
وهؤلاء الأعلام الذين ذكرهم الرحوي في شعره، هم سباق الحلبة في مجلس السلطان أبي الحسن، اصطفاهم لصحابته من بين أهل المغرب. فأما ابنا الإمام منهم فكانا أخوين من أهل برشك، من أعمال تلمسان، واسم أكبرهما: أبو زيد عبد الرحمن، واسم الأصغر: أبو موسى عيسى، وكان أبوهما إمامًا ببعض مساجد برشك، واتهمه المتغلب يومئذ على البلد زيرم بن حماد، بأن عنده وديعة من المال
لبعض أعدائه، فطالبه بها، فلاذ بالامتناع، وبيته زيرم، لينتزع المال من يده، فدافعه وقتل، وارتحل ابناه هذان الأخوان إلى تونس في المئة السابعة، وأخذا العلم بها عن تلاميذ ابن زيتون، وتفقها على أصحاب أبي عبد الله بن شعيب الدكالي، وانقلبا إلى المغرب بحظ وافر من العلم. وأقاما بالجزائر يبثان بها العلم، لامتناع برشك عليهما من أجل (ضَرَر) زيرم المتغلب عليها، والسلطان أبو يعقوب يومئذ، صاحب المغرب الأقصى من بني مرين، جاثم على تلمسان يحاصرها الحصار الطويل المشهور، وقد بث جيوشه في نواحيها، وغلب على الكثير من أعمالها وأمصارها،
1 / 46