Richard Feynman: Bilimdeki Hayatı
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
Türler
غير أن صورة فاينمان عن اتصال المكان والزمان كانت معدلة تحديدا لجعل الثبات النسبي للنظرية ظاهرا جليا؛ في المقام الأول: كان هذا الثبات محددا على صورة كميات - قيم لاجرانجية - يمكن كتابتها بصيغة ثابتة من حيث النسبية. ثانيا: لما كانت طريقة حاصل جمع المسارات تتعامل بالضرورة مع كل من المكان والزمان معا، فإننا لسنا مضطرين لتقييد أنفسنا بتحديد لحظات معينة في الزمان أو المكان. وهكذا درب فاينمان نفسه على أن يجمع في الديناميكا الكهربائية الكمية بين كميات تعتبر في أي سياق آخر منفصلة بعضها عن بعض، ويضعها في مجموعات تسلك سلوكا تظل فيه خصائص النسبية ظاهرة. وعلى الرغم من أنه لم يحرز تقدما حقيقيا في إعادة صياغة نظرية ديراك من المبادئ الأولى بأي طريقة تحل المشكلات التي كان مشغولا بها، فإن الحيل التي ابتكرها ثبتت لاحقا أهميتها الحاسمة في التوصل إلى الحل النهائي. •••
ظهر الحل في الأفق، كما يحدث دائما، بإجراء تجربة. في الواقع، في حين أن العلماء النظريين عادة ما يسترشدون بنتائج التجارب، فإنه في هذه الحالة بالذات تحمل التجارب العملية أهمية كبيرة حاسمة في تحقيق التقدم. فحتى تلك اللحظة، كانت قيم ما لانهاية محبطة للعلماء النظريين، لكن هذا كل شيء. فما دامت تنبؤات مرتبة الصفر لمعادلة ديراك كافية لتفسير جميع نتائج الفيزياء الذرية - في نطاق الدقة التجريبية الممكن الوصول إليها - فإن العلماء النظريين كان بإمكانهم القلق بشأن حقيقة أن التصويبات الأعلى مرتبة - التي كان ينبغي أن تكون صغيرة - كانت في حقيقة الأمر لانهائية، غير أن قيم ما لانهاية لم تكن حتى وقتها عائقا عمليا أمام استخدام النظرية في سياق فيزيائي.
يعشق العلماء النظريون التكهنات، لكنني اكتشفت أنه إلى أن ينتج التجريبيون بالفعل نتائج قائمة على أسس صلبة تسبر غور النظرية عند مستوى جديد، يكون من العسير على العلماء النظريين أن يتعاملوا حتى مع أفكارهم هم أنفسهم بالجدية الكافية للاستكشاف الدقيق لجميع تفرعات تلك الأفكار، أو أن ينتهوا إلى حلول عملية للمشكلات القائمة. وقد تندر الفيزيائي التجريبي الأمريكي الأبرز في ذلك الحين، آي آي رابي - وهو الذي جعل من جامعة كولومبيا العاصمة التجريبية العالمية لعلماء الفيزياء الذرية - على ذلك العجز من قبل العلماء النظريين عن الارتقاء لمستوى تحديات الديناميكا الكهربائية الكمية في غياب التوجيه التجريبي. فيقال إنه في ربيع عام 1947 قال لأحد زملائه أثناء تناول الغداء: «إن السنوات الثماني عشرة الأخيرة كانت أكثر السنوات عقما في هذا القرن.»
كل ذلك تغير في غضون بضعة شهور. فكما أوضحت من قبل، حتى ذلك الحين، كانت حسابات المرتبة الأدنى التي أجريت بواسطة نظرية ديراك النسبية تنتج نتائج خاصة بطيف مستويات الطاقة للإلكترونات المرتبطة بالبروتونات في ذرات الهيدروجين وهي نتائج كانت كافية ليس فقط لفهم السمات العامة للطيف، وإنما لتحقيق اتفاق كمي مع المشاهدة أيضا، باستثناء القليل من نقاط التضارب المحتملة التي ظهرت عند آخر حدود الحساسيات التجريبية، ولذا جرى تجاهلها إلى حد بعيد. غير أن الحال ظل كذلك إلى أن قام الفيزيائي الأمريكي ويليس لامب - وكان يعمل ضمن مجموعة رابي بكولومبيا، وهو واحد من آخر أفراد سلالة من علماء الفيزياء المتمرسين في التجارب العملية والحسابات على حد سواء - بمحاولة جسورة غيرت كل شيء.
لعلك تذكر أن النجاح المبدئي العظيم لميكانيكا الكم خلال العقود الأولى من القرن العشرين يكمن في تفسير طيف الضوء المنبعث من الهيدروجين. كان نيلز بور أول من اقترح تفسيرا خاصا بميكانيكا الكم تحديدا لمستويات الطاقة في ذرة الهيدروجين، لو كانت الإلكترونات قادرة على القفز بين المستويات الثابتة فقط أثناء امتصاصها للإشعاع أو إطلاقه. وبعدها، بين شرودينجر، بمعادلته الشهيرة للموجة، أن مستويات طاقة الإلكترونات بذرة الهيدروجين يمكن اشتقاقها بدقة بالاستعانة بالدالة الموجية التي ابتكرها، بدلا من إصدار أحكام كما هو الحال في ذرة بور.
ما إن اشتق ديراك نسخته النسبية من الديناميكا الكهربائية الكمية حتى صار بمقدور علماء الفيزياء أن يحاولوا استبدال معادلة ديراك بمعادلة شرودينجر بهدف التكهن بمستويات الطاقة. وقد فعلوا هذا واكتشفوا أن مستويات الطاقة في مختلف الحالات كانت تفصل بينها مقادير طفيفة، نتيجة لتأثيرات النسبية (على سبيل المثال، الإلكترونات الأكثر نشاطا داخل الذرات تكون ذات كتلة أكبر، وفق النسبية) ونتيجة للف المغزلي ذي القيمة غير الصفرية للإلكترونات التي تضمنتها معادلة ديراك. وعلى نحو عجيب، توافقت تنبؤات ديراك مع مشاهدات لأطياف ذرات الهيدروجين المتحللة إلى أطياف أكثر دقة، حيث رأينا بذلك ما كان يعد ترددا واحدا للانبعاث والامتصاص ينقسم إلى ترددين مستقلين للضوء يفصل بينهما فاصل دقيق للغاية. كان هذا «التركيب الدقيق» للطيف، وهو الاسم الذي عرف به بعد ذلك، بمنزلة إثبات جديد لنظرية ديراك.
غير أنه في عام 1946 قرر ويليس لامب أن يقيس التركيب الدقيق للهيدروجين بدقة تفوق أي وقت مضى، بهدف اختبار نظرية ديراك. وقد فسر اقتراحه لهذه التجربة الدافع وراء إجرائها: «ذرة الهيدروجين هي أبسط الذرات في الوجود، وهي الذرة الوحيدة التي يمكن إجراء الحسابات النظرية الأساسية الدقيقة عليها ... ومع ذلك، فإن الموقف التجريبي في الوقت الراهن يقول إن الطيف المشاهد لذرة الهيدروجين لا يوفر القدرة على إجراء اختبار شديد الحساسية ... فالاختبار الحساس لا يمكن الحصول عليه إلا بقياس ... التركيب الدقيق.»
في السادس والعشرين من أبريل 1947 (في الأيام التي كان يمر فيها بين اقتراح إجراء تجربة وإتمامها في فيزياء الجسيمات بضعة شهور لا عقود)، أتم لامب وتلميذه روبرت رذرفورد بنجاح قياسا حاز الإعجاب كان يعد من قبل أمرا لا يمكن تصوره. وكانت النتيجة مذهلة بالقدر نفسه.
تنبأت نظرية ديراك عن المرتبة الأدنى، مثل نظرية شرودينجر من قبلها، بأن نفس الطاقة تعزى إلى حالتين مختلفتين لهما ذات الزخم الزاوي الإجمالي لإلكترون الهيدروجين - الناشئ من مجموع الزخم الزاوي للف المغزلي للإلكترون والزخم الزاوي المداري له - حتى لو كانت القيم المنفصلة للمجموع مختلفة في الحالتين. غير أن تجربة لامب أثبتت بصورة قاطعة أن طاقة الإلكترونات في إحدى الحالتين تختلف عن طاقة الإلكترونات في الحالة الأخرى. وقد لاحظ تحديدا أن حالات تحول الإلكترونات من حالة ما إلى حالة ثابتة أعلى في ذرة الهيدروجين أدت إلى انبعاث أو امتصاص الضوء الذي اختلف تردده بمقدار نحو مليار دورة في الثانية مقارنة بالتحولات التي تحدث للإلكترونات من الحالة الأخرى والحالة الثابتة الأعلى. قد يبدو هذا رقما مهولا، لكن الترددات المميزة للضوء المنبعث والممتص بين مستويات الطاقة في الهيدروجين كانت أكبر بحوالي عشرة ملايين ضعف من هذا الفارق في التردد. لذا كان لامب مطالبا بقياس الترددات بدقة تفوق جزءا من عشرة ملايين جزء.
كانت حالة الفيزياء النظرية في أعقاب انقلاب ديراك النظري قد وصلت إلى حد جعل من تأثير هذا الفارق الطفيف الذي لا يكاد يدرك - ولكنه لا يساوي صفرا - عن تكهنات نظرية ديراك، تأثيرا عميقا. وفجأة، صارت المشكلة في نظرية ديراك ملموسة ومحددة. لم تعد تدور حول نتائج لانهائية غامضة ومبهمة الملامح، وإنما صارت الآن بيانات تجريبية محددة وواقعية من الممكن حسابها. وقد وصف فاينمان لاحقا هذا التأثير بأسلوبه المميز المعتاد بقوله: «ظنا مني أني أفهم علم الهندسة، ورغبة مني في تحديد طول قطر مربع مساحته خمسة أقدام، أحاول تخمين الطول الذي يجب أن يكون عليه. ولأنني لست خبيرا أحصل على قيمة ما لانهاية؛ لا فائدة ... إننا لا نبحث في علم الفلسفة ، وإنما في سلوك أشياء حقيقية. لذا، وعلى نحو يائس، أقيسه قياسا مباشرا، ويا للعجب ، إنه يقترب من سبعة أقدام؛ فلا هو ما لانهاية، ولا هو بالصفر. وهكذا قسنا أشياء أعطتنا النظرية لها تلك النتائج الغريبة.»
Bilinmeyen sayfa