Richard Feynman: Bilimdeki Hayatı
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
Türler
على سبيل المثال، كلما حاولنا تصور إلكترون، فإنه ليس بالضرورة أن يكون إلكترونا واحدا! ولكي نفهم هذا، فلنعد إلى الكهرومغناطيسية الكلاسيكية. إن إحدى السمات الأساسية لجوهر هذه النظرية هي حقيقة أننا إذا هززنا إلكترونا، فإنه سيبعث إشعاعا كهرومغناطيسيا، مثل الضوء أو موجات الراديو. نشأ هذا الاكتشاف العظيم عن التجارب الرائدة التي أجراها في القرن التاسع عشر مايكل فاراداي، وهانز كريستيان أورستد، وغيرهما، والبحث النظري الرائد لجيمس كلارك ماكسويل. من زاوية ميكانيكيا الكم، لا بد أن تكون هذه الظاهرة المرصودة قابلة للتنبؤ بها؛ لأنه إذا كان ينبغي لميكانيكا الكم أن تصف العالم على نحو صحيح، فلا بد أن تتفق تنبؤاتها مع المشاهدات. ولكن الخاصية الأساسية الجديدة هنا هي أن ميكانيكا الكم تخبرنا بأن نفكر في الإشعاع على أنه مكون من «كموم» فردية، أو حزم من الطاقة، تسمى الفوتونات.
والآن لنعد إلى الإلكترون. يخبرنا مبدأ هايزنبرج أننا إذا قسنا الإلكترون لبعض الوقت المحدد، يظل هناك قدر من عدم اليقين محدد القيمة في معرفتنا بطاقته. ولكن إذا كان هناك قدر من عدم اليقين، فكيف لنا أن نعرف أننا نقيس الإلكترون وحده؟ فمثلا، إذا كان الإلكترون يبعث فوتونا يحمل طاقة ضئيلة للغاية، فإن الطاقة الكلية للمنظومة سوف تتغير، وإن كان التغيير ضئيلا جدا. ولكن إذا كنا لا نعرف بالضبط مقدار طاقة المنظومة، فإننا لا نستطيع إذن أن نحدد هل بعثت فوتونا منخفض الطاقة أم لا. لذا فإن ما نقيسه حقا ربما كان هو طاقة الإلكترون بالإضافة إلى الفوتون الذي أطلقه.
لكن لماذا نتوقف عند هذا الحد؟ ربما بعث الإلكترون عددا لانهائيا من الفوتونات منخفضة الطاقة؟ فإذا راقبنا الإلكترون فترة كافية، يمكننا قياس طاقته بدقة كبيرة، ويمكننا وضع عداد فوتونات بالقرب منه لنرى إن كانت هناك فوتونات حوله. وفي هذه الحالة، ترى ماذا حدث لجميع الفوتونات التي كانت تتحرك مع الإلكترون خلال تلك الفترة؟ الأمر بسيط: يمكن للإلكترون أن يمتص كل تلك الفوتونات قبل أن تتاح لنا فرصة قياسها!
يطلق على نوع الفوتونات التي يمكن للإلكترون أن يطلقها ويعيد امتصاصها خلال فترة زمنية قصيرة للغاية لا تتيح لنا قياسها اسم «الجسيمات الافتراضية»، وكما سأوضح لاحقا، فقد أدرك فاينمان أننا عندما ندرج آثار كل من النسبية وميكانيكا الكم، لا يكون هناك مفر من الإقرار بوجود هذه الجسيمات. لذا عندما نفكر في إلكترون يتحرك، يصير لزاما علينا أن نفكر فيه على أنه جسم شديد التعقيد تحيط به سحابة من الجسيمات الافتراضية.
تلعب الجسيمات الافتراضية دورا مهما آخر في نظرية الكم للكهرومغناطيسية؛ فهي تغير الطريقة التي نفكر بها في المجالات الكهربائية والمغناطيسية والقوى بين الجسيمات. فمثلا، افترض أن الإلكترون يبعث فوتونا. يمكن لهذا الفوتون حينئذ أن يتفاعل بدوره مع جسيم آخر، وقد يمتصه هذا الجسيم. وبناء على طاقة الفوتون، سوف ينتج عن هذا انتقال للطاقة والزخم من إلكترون إلى آخر. ولكن هذا هو ما نصفه عادة بأنه تجسد للقوة الكهرومغناطيسية بين هذين الجسيمين المشحونين كهربائيا.
وفي الواقع - وكما سنرى - في عالم الكم يمكن اعتبار القوتين الكهربائية والمغناطيسية ناتجتين عن تبادل الفوتونات الافتراضية. ولأن الفوتون عديم الكتلة، فإن الفوتون المنبعث يمكن أن يحمل قدرا ضئيلا جدا من الطاقة. لذا - كما يخبرنا مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج - يمكن للفوتون أن ينتقل لمسافة طويلة جدا (مستغرقا وقتا طويلا جدا) بين الجسيمات قبل إعادة امتصاصه الحتمية من أجل إعادة الطاقة التي يحملها إلى الإلكترون. ولهذا السبب تحديدا يمكن للقوة الكهرومغناطيسية بين الجسيمات العمل على بعد مسافات طويلة. ولو كانت للفوتون كتلة، فإنه كان سيحمل دائما أقل طاقة ممكنة، وفقا للمعادلة «ط = ك س
2 »، حيث «ك» هي كتلة الفوتون، ولكي يظل هذا الانتهاك لقانون حفظ الطاقة مختفيا في ثنايا الشكوك الكمومية، فإن مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج يقضي بضرورة إعادة امتصاص الفوتون بواسطة الإلكترون الأصلي أو بواسطة إلكترون آخر في غضون زمن محدد أو مسافة محددة على نحو مكافئ.
إننا نسبق الأحداث بوصولنا إلى هذه النقطة، أو على الأقل نسبق ما كان فاينمان يدركه في تلك الحقبة من حياته، ولكنني أوردت هذه التعقيدات هنا لغرض معين، وهو أنه إذا كان كل هذا يبدو لك معقدا للغاية ويصعب تصوره، فانضم إلى جموع الناس، خاصة إذا كنا نتحدث عن حقبة ما قبل الحرب العالمية الثانية. كان هذا هو عالم الفيزياء الأساسية حين دخله ريتشارد فاينمان طالبا، وقد كان عالما بدا أن قواعده الجديدة الغريبة تنتج هراء سخيفا. فعلى سبيل المثال، ظلت الطاقة الذاتية اللانهائية الكلاسيكية للإلكترون جزءا من نظرية الكم، ويرجع الفضل في ذلك بوضوح إلى حقيقة أن الإلكترون يمكنه أن يطلق فوتونات ذات طاقة عالية جدا ويعيد امتصاصها، طالما أنه يفعل هذا خلال فترات زمنية قصيرة للغاية.
غير أن الحيرة كانت أسوأ من ذلك. فنظرية الكم تنسجم جيدا بوجه عام مع النتائج التجريبية، ولكن كلما حاول علماء الفيزياء حساب التنبؤات بالضبط لتضاهي القياسات الدقيقة، فكانوا مثلا إذا أدرجوا عملية تبادل تضم أكثر من فوتون واحد بين الجسيمات - وهي عملية لا بد أنها تحدث على نحو أكثر ندرة من تبادل فوتون واحد - وجدوا أن المساهمة الإضافية الناتجة عن هذا التأثير ذي «الرتبة الأعلى» ذات قيمة لانهائية. وعلاوة على هذا، فإن حسابات نظرية الكم المطلوبة لاستكشاف تلك القيم اللانهائية كانت صعبة ومملة إلى درجة مزعجة؛ إذ كانت كل واحدة من تلك الحسابات تتطلب من أفضل العقول في ذلك الوقت أشهرا كاملة دون أدنى مبالغة.
وعندما كان فاينمان لا يزال طالبا بالجامعة، راودته فكرة حملها معه إلى كلية الدراسات العليا. فماذا لو كانت «الصورة » الكلاسيكية للكهرومغناطيسية - كما شرحتها منذ قليل - صورة خاطئة؟ ماذا لو كانت هناك - على سبيل المثال - قاعدة «جديدة» تقول إن الجسيم الذي يحمل شحنة كهربائية لا يمكنه التفاعل مع نفسه؟ هذا من شأنه أن يخلصنا من الطاقة الذاتية اللانهائية للإلكترون؛ لأنه لا يستطيع التفاعل مع المجال الكهربائي الخاص به. إنني أؤكد أن اللانهائية التي وضعت هذه القاعدة الجديدة لتجنبها موجودة في النظرية الكلاسيكية الخالصة، حتى دون النظر للآثار الميكانيكية الكمية.
Bilinmeyen sayfa