Richard Feynman: Bilimdeki Hayatı
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
Türler
التحق فاينمان بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بهدف دراسة الرياضيات، ولكن كانت تلك فكرة غير صائبة؛ فعلى الرغم من أنه أحب الرياضيات، فقد ظل دائما يرغب في معرفة ما يمكنه «فعله» بواسطتها. وقد سأل رئيس قسم الرياضيات هذا السؤال وتلقى إجابتين مختلفتين: «حساب مبالغ التأمينات.» و«إذا كنت تحتاج لطرح هذا السؤال، فإنك لا تنتمي إلى عالم الرياضيات.» ولم تلق أي من الإجابتين قبولا لدى فاينمان، الذي قرر أن الرياضيات لا تناسبه، فتحول إلى دراسة الهندسة الكهربائية. وعلى نحو مثير بدا هذا التحول متطرفا أكثر من اللازم. فإذا كانت الرياضيات بلا هدف عملي، فالهندسة عملية أكثر مما ينبغي. ولكن مثل الحساء المناسب في حكاية «جولديلوكس»، كانت الفيزياء «مناسبة تماما»، وبحلول نهاية سنته الأولى بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تخصص فاينمان في الفيزياء.
كان اختياره بطبيعة الحال ملهما؛ فمواهبه الفطرية أتاحت له التفوق في الفيزياء. ولكن كانت لديه موهبة أخرى أكثر أهمية على الأرجح، ولست أدري إن كانت فطرية أم لا؛ تلك الموهبة هي الحدس.
إن الحدس الفيزيائي هو نوع من المهارات الوقتية المدهشة؛ إذ كيف يعرف المرء أي منهج سيكون أكثر فائدة في حل مشكلة فيزيائية ما؟ لا شك أن بعض جوانب الحدس السليم مكتسبة. فلهذا السبب نحتاج إلى المتخصصين في فروع الفيزياء المختلفة لحل العديد من المشكلات. فعن طريق التخصص يبدءون في معرفة الأساليب التي تفلح والتي لا تفلح، ويزيدون من حصيلة الأساليب التي يتقنونها مع مرور الوقت. ولكن من المؤكد أن أحد جوانب الحدس الفيزيائي لا يمكن اكتسابه بالتعلم، وهو جانب لا يظهر إلا في مكان وزمان معينين. كان أينشتاين يمتلك هذا الجانب من جوانب الحدس، وقد أفاده كثيرا طوال أكثر من عشرين عاما، بداية من بحثه الفريد عن النسبية الخاصة وحتى الإنجاز الذي توج به أعماله ، وهو النسبية العامة. غير أن حدسه بدأ يخذله عندما بدأ ينحرف ببطء بعيدا عن تيار الاهتمام الرئيسي بميكانيكا الكم في القرن العشرين.
وكان حدس فاينمان فريدا من زاوية مختلفة. ففي حين وضع أينشتاين نظريات جديدة كليا بشأن الطبيعة، فقد استكشف فاينمان الأفكار الموجودة بالفعل من منظور جديد تماما وأكثر فائدة في المعتاد. فقد كانت الطريقة الوحيدة التي يمكنه بها حقا فهم الأفكار الفيزيائية هي أن يستنتجها بطريقته الخاصة. ولكن لما كانت طريقته أيضا في المعتاد من نواتج تعلمه الذاتي، فقد كانت النتائج النهائية تختلف اختلافا جذريا أحيانا عما كانت المعرفة «التقليدية» تنتجه. وكما سنرى لاحقا، فإن فاينمان صنع معرفة خاصة به.
غير أن حدس فاينمان كان أيضا مكتسبا بالطريقة الصعبة، نتيجة لجهد دءوب. فأسلوبه المنهجي والشمولية التي كان يفحص بها المشكلات كانا واضحين بالفعل أثناء دراسته بالمدرسة الثانوية. وقد سجل تقدمه في دفاتر ملاحظات احتوت على حسابات لجيب الزاوية وجيب التمام أجراها بنفسه، وسجله فيما بعد في دفتر ملاحظات التفاضل والتكامل الشامل الذي حمل عنوان «حساب التفاضل والتكامل للشخص العملي»، والذي احتوى على جداول تكامل شاملة، مرة أخرى كان هو من وضعها بنفسه. وفي وقت لاحق من حياته، كان يبهر الناس باقتراح طريقة جديدة لحل مشكلة ما، أو بفهمه الفوري لجوهر مسألة معقدة. وفي كثير من الأحيان، كان هذا يرجع إلى أنه في وقت ما، ضمن آلاف صفحات الملاحظات التي دونها أثناء عمله على فهم الطبيعة، قد فكر في تلك المشكلة نفسها ودرس عدة طرق مختلفة وليس طريقة واحدة لحلها. وكان هذا الاستعداد لفحص المشكلة من كل زاوية ممكنة، ولتنظيم أفكاره بعناية حتى استنفاد جميع الاحتمالات الممكنة هو ما ميزه عمن سواه، وهو نتاج لذكائه المتوقد وقدرته التي لا تكل على التركيز.
ربما كلمة «استعداد» ليست هي الكلمة المناسبة هنا. وربما كانت كلمة «احتياج» خيارا أفضل. فقد كان لدى فاينمان احتياج إلى فهم كل مشكلة يواجهها فهما كاملا عن طريق البدء من البداية، وحل المشكلة بطريقته الخاصة، وكثيرا ما كان يحلها بطرق عديدة مختلفة . وفيما بعد، حاول إضفاء هذا الخلق على طلابه، الذين قال أحدهم لاحقا: «شدد فاينمان على الإبداع؛ الذي كان يعني من وجهة نظره استنباط الأمور من البداية. لقد كان يحث كل واحد منا على خلق كون من الأفكار الخاصة به، بحيث تتسم نتائجنا - وإن كانت مجرد حلول لمشكلات مطلوب منا حلها في قاعة المحاضرات - بطابع أصيل يميزها؛ تماما كما كانت أعماله تحمل الطابع الفريد لشخصيته.»
لم تكن قدرة فاينمان على التركيز لفترات طويلة هي وحدها البارزة عندما كان صغيرا، وإنما برزت أيضا قدرته على التحكم في أفكاره وتنظيمها. أذكر أنني أيضا كنت أمتلك مجموعة الكيمياء عندما كنت طفلا، وأذكر أيضا أنني كثيرا ما كنت أخلط المواد بعضها ببعض على نحو عشوائي وأنتظر لأرى ما سيحدث. لكن فاينمان - كما أكد لاحقا - لم يعبث بالمواد العلمية بعشوائية مطلقا، وإنما كان دائما ما يقوم ب «عبثه» العلمي على نحو خاضع للسيطرة، ودائما ما كان منتبها لما يحدث. ومرة أخرى، في وقت لاحق، بعد وفاته، أصبح واضحا من خلال الملاحظات المكثفة التي دونها أنه سجل بعناية كل استكشاف من استكشافاته. بل إنه في لحظة معينة فكر في تنظيم حياته المنزلية مع زوجته المستقبلية على أسس علمية، قبل أن يقنعه صديق بأن هذا أمر يفتقر للواقعية على نحو ميئوس منه. وفي نهاية الأمر، اختفت سذاجته في هذا الشأن، وبعد ذلك بوقت طويل نصح أحد طلابه قائلا: «لا يمكن تطوير الشخصية بالفيزياء وحدها. يجب دمج باقي جوانب الحياة في عملية تطوير الشخصية.» وعلى أي حال، كان فاينمان يحب اللعب والمزاح، ولكن عندما كان الأمر يتعلق بالعلوم، فمنذ نعومة أظفاره وطوال باقي حياته كلها، يصبح جادا إلى أبعد الحدود.
ربما انتظر حتى نهاية سنته الدراسية الأولى بالجامعة قبل أن يعلن تخصصه في الفيزياء، ولكن الرؤية كانت قد اتضحت وهو بعد طالب بالمدرسة الثانوية. وباستعادة الماضي، فإن اللحظة التي يمكن اعتبارها حاسمة جاءت عندما عرفه أستاذه بالمدرسة - السيد بادر - على أحد الأسرار الغامضة الأكثر خفية وروعة للعالم القابل للرصد ، وهي حقيقة قائمة على اكتشاف توصل إليه قبل ثلاثمائة عام من مولده المحامي البارع المتنسك الذي تحول إلى عالم رياضيات، بيير دي فيرما.
كما هي حال فاينمان، حقق فيرما الشهرة ونال التقدير لدى العامة في وقت متأخر من حياته عن شيء لا علاقة له بأعظم إنجازاته. ففي عام 1637، خط فيرما ملحوظة موجزة على هامش نسخته من كتاب «الحساب» - تحفة عالم الرياضيات اليوناني الشهير ديوفانتوس - مشيرا إلى أنه اكتشف برهانا بسيطا على حقيقة مهمة. فالمعادلة س
ن + ص
Bilinmeyen sayfa