ومن الأمثلة لحديث ثقة خالف في ذلك حديث ثقة أوثق منه:
ما رواه معمر بن راشد (١)، عن يحيى بن أبي كَثِيْر، عن عبد الله بن أبي قتادة (٢)، عن أبيه (٣)، قال: «خرجت مع رسول الله ﷺ زمن الحديبية، فأحرم أصحابي ولم أحرم، فرأيت حمارًا فحملت عليه، فاصطدته، فذكرت شأنه لرسول الله ﷺ، وذكرت أني لم أكن أحرمت، وأني إنما اصطدته لك؟ فأمر النَّبِيّ ﷺ أصحابه فأكلوا، وَلَمْ يأكل مِنْهُ حِيْنَ أخبرته أني اصطدته لَهُ» (٤) .
فهذا الحديث يتبادر إلى ذهن الناظر فيه أول وهلة أنه حديث صحيح، إلا أنه بعد البحث تبين أن معمر بن راشد – وهو ثقة – قد شذ في هذا الحديث فقوله: «إنما اصطدته لك»، وقوله: «ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له» . جملتان شاذتان شذ بهما معمر بن راشد عن بقية الرواة.
(١) تقدمت ترجمته. (٢) هو عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري، المدني: ثقة، مات سنة خمس وتسعين. تهذيب الكمال ٤/٢٤١ (٣٤٧٥)، والكاشف ١/٥٨٦ (٢٩١٥)، والتقريب (٣٥٣٨) . (٣) هو: أبو قتادة الأنصاري، اسمه الحارث، ويقال: عمرو أو النعمان، ابن ربعي، بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها مهملة، ابن بُلْدُمة، بضم الموحدة والمهملة بينهما لام ساكنة، السَّلَمي، بفتحتين،المدني، شهد أحدًا وما بعدها. أسد الغابة ٥/٣٧٤، والإصابة ٤/١٥٨، والتقريب (٨٣١١) . (٤) رواه عن معمر عبد الرزاق في مصنفه (٨٣٣٧)، ومن طريقه أخرجه الإمام أحمد في المسند ٥/٣٠٤، وابن ماجه (٣٠٩٣)، وابن خزيمة (٢٦٤٢)، والدارقطني في السنن ٢/٢٩١، والبيهقي في السنن الكبرى ٥/١٩٠.
1 / 69