تضحك نورا. «حسنا أعتقد أنك تعد نفسك محظوظا لعملك بهذه الوظيفة. زوج إيزابيل في برانتفورد عاطل عن العمل منذ مدة طويلة. فكرت في أنه إذا لم يعثر على شيء في القريب فسأدعو أسرتهما للمجيء إلى هنا للعيش، لكن حقيقة لم أتق لذلك، فهذا كل ما أستطيع تدبيره لي ولأمي.»
قال أبي: «أتزوجت إيزابيل؟ هل تزوجت مورييل أيضا؟» «كلا، غادرت لتعمل بالتدريس غربا. لم تعد إلى منزلها منذ خمسة أعوام. أعتقد أنها تجد شيئا أفضل تفعله في عطلاتها. كنت سأفعل ذلك إن كنت محلها.» تخرج نورا بعض الصور الفوتوغرافية من درج الطاولة وتبدأ في عرضها على أبي. «هذا ابن إيزابيل الأكبر، التحق بالمدرسة، وها هي الطفلة الصغيرة تجلس في عربتها، إيزابيل وزوجها، مورييل، هذه رفيقتها التي معها بالسكن، وهذا رجل كانت تواعده، وهذه سيارته، كان يعمل في مصرف هناك، وهذه المدرسة التي تعمل بها، بها ثماني حجرات، تدرس لطلاب الصف الخامس.» يهز أبي رأسه. «لا أستطيع تخيلها إلا وهي في طريقها إلى المدرسة، خجلة للغاية، كنت أقلها أثناء سيرها على الطريق - وأنا في طريقي لرؤيتك - وهي لا تنبس ببنت شفة، ولا حتى توافقني الرأي بأنه يوم جميل.» «لقد تغلبت على ذلك.»
تقول العجوز: «عمن تتحدثان؟» «مورييل، أقول إنها تغلبت على خجلها.» «كانت هنا في الصيف الماضي.» «كلا يا إمي، كانت إيزابيل. إيزابيل وأسرتها كانوا هنا الصيف الماضي. سافرت مورييل غربا.» «قصدت إيزابيل.»
بعد ذلك بوقت وجيز تستغرق السيدة العجوز في النوم، وتميل رأسها جانبا، فاغرة فاها. تقول نورا: «أستميحكم عذرا عن تصرفاتها. إنه كبر السن.» ثم تضع فوقها غطاء صوفيا مغزولا وتقول: «بإمكاننا الجلوس بالحجرة الأمامية بحيث لا يزعجها حديثنا.»
توجه أبي بالحديث إلي وإلى أخي: «أنتما، هل تودان الخروج وتسلية نفسيكما؟»
كيف نسلي أنفسنا؟ على أية حال أردت البقاء. كانت الحجرة الأمامية أكثر تشويقا من المطبخ، رغم أنها لم تكن تحوي الأثاث نفسه. كان هناك فونوغراف وبيانو عتيق، وصورة معلقة على الجدار للسيدة مريم، أم يسوع - هذا كل ما أعرفه - ملونة بدرجات اللونين الأزرق والقرنفلي الزاهية وطوق مدبب من الضوء حول رأسها، أعلم أن هذه الصور لا تتواجد إلا في بيوت الروم الكاثوليك؛ إذن لا بد أن نورا كذلك. لم نعرف أحدا من الروم الكاثوليك على الإطلاق معرفة جيدة بدرجة كافية تجعلنا نزورهم في منازلهم. أفكر فيما اعتادت جدتي والخالة تينا، في دانجانون، قوله دائما للإشارة إلى أن شخصا ما كاثوليكي: «فلان متمسك بالجاروف العتيق.» هكذا كانتا تقولان. «فلانة متمسكة بالجاروف العتيق.» كانتا ستقولان هكذا عن نورا.
تمسك نورا بزجاجة ممتلئة لنصفها من فوق البيانو العتيق، وتصب بعضا منها في كوبها وكوب أبي بعد أن فرغا من عصير البرتقال.
يقول أبي: «أتحتفظين بها في حال مرضت؟» «إطلاقا، أنا لا أمرض أبدا، أحتفظ بها فحسب. زجاجة واحدة تكفيني لوقت لا بأس به، لأنني لا آبه بالشرب وحدي. ها أنا محظوظة!» تحتسي هي وأبي الشراب، أدري ما هو، إنه شراب الويسكي، من بين الأشياء التي أخبرتني بها أمي في أحاديثنا معا أن أبي لا يحتسي الويسكي أبدا. لكنني أراه يفعل ذلك. يحتسي أبي الويسكي ويتحدث عن أناس لم أسمع بأسمائهم قط، لكن بعد برهة يتحدث عن حادثة مألوفة؛ يخبرها عن النونية التي سكبت من النافذة. يقول: «تصوري أنني أقف هناك، وأصيح بأعلى صوتي: «يا سيدتي، أنا مندوب ووكر براذرز، هل يوجد أحد بالمنزل؟»» يصيح بالفعل ويبتسم ابتسامة عبثية في ترقب سار ثم ... ينكس رأسه ويغطيه بذراعيه ويبدو كما لو أنه يستجدي الرحمة (في حين أنه لم يفعل أيا من ذلك، فقد شاهدته)، وتضحك نورا ضحكة مجلجلة كما فعل أخي حينئذ. «هذا ليس صحيحا! لم يحدث أي من هذا!»
يقول في جدية: «بالطبع صحيح يا سيدتي. لدينا أبطال في صفوف ووكر براذرز. سعيد أنك ترينه مضحكا.»
طلبت منه في خجل: «أنشد لنا الأغنية.» «أية أغنية؟ هل تحولت إلى مغن إلى جانب سائر الأشياء الأخرى؟»
Bilinmeyen sayfa