وروى عن أبي بكر محمد بن عبد الله أبان التغلبي الهيتى إلى يوسف الفريابي يقول: كان سفيان ينهى عن النظر في رأي أبي حنيفة. قال: وسمعت محمد بن يوسف وسئل هل روى سفيان الثوري عن أبي حنيفة شيئا؟ فقال: معاذ الله سمعت سفيان الثوري يقول: ربما استقبلني أبو حنيفة يسألني عن مسألة فأجيبه وأنا كاره وما سألته عن شيء قط.
وروى عن القاضي أبي بكر محمد بن عمر الداودي إلى محمد بن عبيد الطنافسي يقول سمعت سفيان- وذكر عنده أبو حنيفة- فقال: يتعسف الأمور بغير علم ولا سنة.
وحدث عن ابن رزق إلى ابن الجراح قال سمعت أبي يقول: ذكروا أبا حنيفة في مجلس سفيان فكان يقول عوذا بالله من شر النبطي إذا استعرب. أبو حنيفة رحمه الله لم يكن نبطيا وإنما اختلف الناس في أنه هل كان مولى لبنى زياد أو فارسيا؟ وقد
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو أن العلم مناط بالثريا لنالته رجال من أبناء فارس» .
ولا شك في أن قول النبي صلى الله عليه وسلم أرجح من قول ابن الجراح.
وروى عن ابن رزق إلى الفريابي قال سمعت الثوري ينهى عن مجالسة أبي حنيفة وأصحاب الرأى. هذا سفيان رحمه الله قد روى الخطيب عن جماعة عنه ذم أبى حنيفة والتحذير عنه، وهذا الخبر الأخير يتضمن أنه نهى عن مجالسة أصحاب الرأى جملة، فهذا يدخل فيه مالك أيضا والشافعي وأحمد بن حنبل. ولما قرض ابن المبارك سفيان قال إذا أتيت مجلس سفيان، إن شئت أن تسمع كتاب الله سمعته، وإن شئت أن تسمع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعتها، وإن تسمع كلاما في الزهد سمعته، ولم يذكر له فقها.
فهذا يدل على أنه لم يكن فقيها وإذا لم يكن فقيها لم يدخل في قوله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء
ومن لم يخش الله قال ما شاء. وقوله ليس بحجة لأنه ليس من الفقهاء وإنما يطعن في كل صنف من كان منه. فإن شاعرا إذا طعن في محدث لا يلتفت إلى قوله، وكذلك إن طعن محدث في فقيه وإنما يكون قوله حجة إذا كان يعرف ذلك العلم، هذا إذا عرف أن سفيان لم يكن له غرض أو حيث عرف غرضه بأن طعن على جميع أصحاب الرأى فقوله متروك بالإجماع وسيأتي ما ذكر عن سفيان وغيره بعد أن شاء الله تعالى.
Sayfa 79