نحن لا نحيل الجواب عن هذا على معدوم، الكتاب حاضر فمن أراد أن يستبين فليفعل؟ وأما قوله عن المرأة فقد أجمع المسلمون على أن الردة تفسخ النكاح وأما عند أبى حنيفة فإنها إذا ارتدت عن الإسلام إلى دين أهل الكتاب إن لحقت بدار الحرب انفسخ نكاحها عند حلولها بدار الحرب، وإن أقامت بدار الإسلام لم ينفسخ نكاحها إلا بعد انقضاء العدة وهي على الردة، وإن ارتدت إلى الشرك انفسخ نكاحها في الحال. وهذه ليست بمسألة اجتهاد بل هي مأخوذة عن النص بقوله تعالى. ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن
ولا فرق بين بقاء النكاح وبين إنشائه. وقال تعالى وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا
ولهذا قلنا إنها لا تبين حتى تعتد أو تلحق بدار الحرب، فإنها إذا لحقت بدار الحرب زال عنها حكم الإسلام وجرى عليها حكم الكفر وحصلت بالبينونة فليس طعنه على أبى حنيفة وحده.
وروى عن زكريا إلى الحسين بن عبد المبارك النيسابوري قال: أشهد على عبد الله يعني ابن المبارك شهادة يسألنى عنها أنه قال لي: يا حسين قد تركت كل شيء رويته عن أبي حنيفة فاستغفر الله وأتوب إليه. هذا التارك لكل ما رواه عن أبى حنيفة مع أن أبا حنيفة أحد المجتهدين على وجهين، ان أراد بالترك ترك الرواية فمنه إلى ربه، وإن أراد بالترك ترك المروي، فلا يخلو هل تركه باجتهاد أظهر له أن الصحيح في خلافة فله حكم بقية المجتهدين، وإن تركه عن غير اجتهاد فقد ترك الإسلام. والمنقول عن ابن المبارك أنه لم يزل على مذهب أبى حنيفة إلى أن قبضة الله. وهذا يدل على خلاف ما نقل عنه الخطيب.
وقال زكريا: سمعت عبدان وعلي بن شقيق كليهما يقولان.
وقال ابن المبارك كنت إذا أتيت مجلس سفيان فشئت أن تسمع كتاب الله سمعته وإن شئت أن تسمع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعتها وإن شئت أن تسمع كلاما في الزهد سمعته. وأما مجلس لا أذكر أني سمعت فيه قط صلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فمجلس أبى حنيفة.
وروى عن الخلال إلى أبى داود سليمان بن الأشعث السجستاني قال ابن المبارك: ما مجلس ما رأيت ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم قط ولا يصلى إلا مجلس أبي حنيفة. وما كنا نأتيه إلا خفية من سفيان الثوري.
وروى عن أبى نصر أحمد بن الحسين القاضي بالدينور إلى هارون بن إسحاق.
قال سمعت محمد بن عبد الوهاب القناد يقول: حضرت مجلس أبي حنيفة فرأيت مجلس لغو لا وقار فيه وحضرت مجلس سفيان الثوري فكان الوقار والعلم والسكينة فيه فلزمته.
Sayfa 78