ثم إن الخطيب لم يعن المسألة التي ذكر الراوي أنه سأل أبا حنيفة عنها ولا الخبر الذي أورده الفزاري، وإذا لم يعين لم يثبت ما اشترطه الخطيب من أن التثبت عند أهل الحديث غير هذا لأن المعلوم لا ينقض بالمجهول وهذا قد روى عن آحاد الناس لا شيء. لأنه قال حدثنا فلان عن الفزاري أنه قال سالت أبا حنيفة عن مسألة فأجاب. فقلت: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا في هذا. فقال له أبو حنيفة: حك هذا بذنب خنزير. وهذا كما حكى
الخطيب في كتابه في ترجمة أشعب عن أشعب أنه قال لما سئل هل تروى شيئا من الحديث النبوي؟ فقال نعم سمعت عكرمة يقول سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خلتان لا يجتمعان في مؤمن» .
ثم سكت فقالوا له وما الخلتان؟ قال: نسي عكرمة واحدة ونسيت أنا الأخرى.
قال أخبرنا ابن دوما ثم أسنده إلى الفزاري قال حدثت أبا حنيفة حديثا في رد السيف فقال: هذا حديث خرافة أترى أى شيء هو رد السيف؟ وإنما اشتراط الخطيب أن هذا ثبت هو العجب، لأنه قال والثبت عند أصحاب الحديث غير هذا، أترى الثبت ما يعلم وما لا يعلم؟ فإن كان الثبت ما يعلم كان [ينبغي] نقل ما قال وما قيل عنه ليكون الجواب. وأما قوله حدثت أبا حنيفة في رد السيف حديثا فهذا لا يثبت مثله، لأنه إنما يثبت الشيء، أما غير شيء لا يثبت أصلا وهذا كقول المتنبي:
إذا رأى غير شيء ظنه رجلا
وهذا غير شيء، أترى غير شيء أى شيء يكون: وروى عن الأبار إلى أن قال سمعت علي بن عاصم يقول: حدثنا أبا حنيفة بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: لا آخذ به، ثم قلت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا آخذ به. إنما يجاب عن هذا لو ذكر الحديث، فمن المعلوم أن كلما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤخذ به لأن فيه منسوخا والمنسوخ فبالإجماع لا يؤخذ به.
اعلم وفقك الله أن أخبار النبي صلى الله عليه وسلم فيها ناسخ ومنسوخ، ومحكم ومتشابه، وإفراد وتركيب، وحقيقة ومجاز. ثم بعد ذلك صنفت على النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، [و] نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ثقات وغير ثقات، وبعض هذا مما يرد به الحديث بإجماع الأمة.
قال أخبرنا محمد بن أبى نصر الزينبي إلى بشر بن مفضل.
قال قلت لأبي حنيفة:
Sayfa 55