اعلم أن المشهور عن أبى يوسف خلاف ما ذكره عنه لأنه ذكر هذا الحديث عن محمد وحده وجميع أصحاب أبى حنيفة يقولون عن أبى يوسف عن- أبى حنيفة خلاف ما ذكر. وأما قول أبى يوسف كان يدرسنا الفقه وما كنا نقلده ديننا فالمشهور عن أبى يوسف أنه لما حج. قال اللهم إنك تعلم أننى لم أعمل إلا بما عرفته من كتابك وسنة نبيك، وما لم أعرفه منهما جعلت بيني وبينك فيه أبا حنيفة لعلمي به. وروى عنه أيضا هذا القول عند الموت، فمن يكون هذا قوله أما يكون قد قلده في دينه؟ قال الخطيب: ذكر ما حكي عنه من مستشنعات الألفاظ والأفعال، روى بإسناده عن الحسن بن على الجوهري إلى أبى مطيع أن أبا حنيفة رضى الله عنه قال: إن كانت الجنة والنار مخلوقتين فإنهما يفنيان وبإسناده عن محمد بن الحسين عن أبى مطيع أنه سمع أبا حنيفة يقول إن كانت الجنة والنار خلقتا فإنهما يفنيان والرواية المشهورة عن أبى حنيفة التي عليها جملة أصحابه أنه قال: إن الجنة والنار مخلوقتان لا تبيدان أبدا. وكذلك روى عنه أبو جعفر الطحاوي في عقيدته.
وبإسناده عن ابن رزق عن أسباط أن أبا حنيفة. قال: لو أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدركته لأخذ بكثير من قولي .
وبإسناده عن على بن أحمد الرزاز عن يوسف بن أسباط. قال قال أبو حنيفة: لو أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدركته لأخذ بكثير من قولي. المروي عن أبى حنيفة رضى الله عنه وعليه فتاوى كل أصحابه أنه قال في
المروي عن العباس رضى الله عنه لما خطب النبي صلى عليه وسلم وقال: «ألا إن مكة حرام من حرمات الله» الخبر بطوله. فقال العباس إلا الأذخر يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إلا الأذخر»
قال أبو حنيفة في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يستثنى هذا فسبقه العباس إليه، فأبو حنيفة لم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم آخذا برأى العباس، فكيف يجعله أخذا برأى نفسه.
وقد روى عن عمر رضى الله عنه مثل هذا أنه قال وافقنى ربى في ثلاث ولم يرد بالموافقة أنه كان على الخلاف ثم وافق، إنما كانت شهوته تقتضي هذا، وأنزل الله ذلك على وفاق ما أراده فسماه موافقة، ومذهب أبى حنيفة خلاف ما نقل الناقل لأنه يرى الأخذ بالكتاب والسنة ما وجد، فإن لم يجد أخذ بقول الصحابي فإن اختلفوا أخذ بقول أقربهم إلى الكتاب والسنة لا يعدل عن ذلك.
وروى بإسناده عن عبد الله بن محمد بن الحارث عن أبى إسحاق الفزاري.
قال: كنت آتي أبا حنيفة أسأله عن الشيء من أمر الغزو فسألته عن مسألة فأجاب، فقلت له إنه يروى فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا. فقال دعنا من هذا. قال وسألته يوما آخر عن مسألة فأجاب فيها، فقلت له إن هذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه كذا وكذا. فقال حك هذا بذنب خنزير. هذا النقل يخالف مذهب أبى حنيفة وقد تقدم الجواب عنه.
Sayfa 54