وأما ملكنا الكبير في الأريتريا والحبشة والصومال، فهذا ويفل الجنرال بالكفاية لا بالبذلة العسكرية، هل جاء نبأ النمر الجائع وقد تمكن من فريسة يحمل لها الشر ويضمر الاضطعان؟ ها هو ذا يبقر بطنها بمخلبه، وينهش رأسها بأنيابه، وتارة يضغم كتفها حتى تلتقي أسنانه، ويلعق عظمها حتى يدمي لسانه، وكذلك يمزق ويفل ملكنا كل هذا التمزيق، أو شرا من هذا التمزيق!
أرأيت يا سيدي المختار أن الحلم الروماني إنما كان حقا؟ على أننا نهب اليوم من نومتنا تيك أهول هبوب!
تقول لي في كتابك: إنك لو كنت ماريشالا في رواية تمثيلية لكسرت على الأقل طبقا أو صدعت كرسيا، أو قرضت بأسنانك ستارا! ألا فاعلم يا سيدي أن الله قد عقد لساني في هذه الحرب، ورمى يدي بالشلل وهيهات الفعل أو القول لأشل اليد معقود اللسان!
وأخيرا، فإذا كانت هذه الأهوال الكارثة قد علمتنا - نحن معشر الفاشست - شيئا فقد علمتنا شيئا واحدا، هو أن الحرب ليست جيوشا تزم الأفق، ولو زودت بجميع الفواتك المهلكات من مدافع وبنادق ودبابات، ولا هي أساطيل تزحم نواصي البحار، ولا هي طيارات تسد جو السماء، إنما الحرب أولا وآخرا هي ... رجال!
ولقد أذكرني هذا ما روي عن ذلك الشجاع العربي - يعني عمرو بن معد يكرب - وقد تهادن ابن الخطاب سيفه يعني الصمصامة، وقد طارت لها شهرة عظيمة، فقال له أمير المؤمنين: لقد رأيت الصمصامة ولكنك لم تر اليد التي تشرب بها؟
سيدي المختار!
لي إليك حاجة ليس قضاؤها عليك بالأمر العسير، تلك بأنكم أهل دار سؤلهم مقضي ودعاؤهم مستجاب، فادع ربك أن يقبضني ولكن على فراشي، فإنني لا أرى من العدل أن أموت كما يموت الجندي في ميدان القتال!
وإذا تفضلت وكتبت إلي فعنواني الجديد: وادي لظى - جهنم يحفظ بشباك البوستة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
17 من يناير سنة 1941
Bilinmeyen sayfa