Yunan Felsefesinin Hikayesi
قصة الفلسفة اليونانية
Türler
إذا أردت أن تقطع مسافة ما، فستقطع نصفها الأول ويبقى أمامك نصفها الثاني، ثم ستقطع نصف هذا النصف ويبقى نصفه الآخر، وهكذا ستظل تقطع نصفا ويبقى نصف إلى ما لا نهاية، وإذن فلن تصل إلى غايتك المقصودة إلى الأبد. (ب)
تسابق رجل وسلحفاة، فهب أن السلحفاة تقدمت عشرة أمتار قبل أن يبدأ الرجل: نظرا لبطء سيرها، وكانت سرعة الرجل عشرة أمثال سرعة السلحفاة، فلما بدأ الرجل وقطع عشرة الأمتار التي تفصله عن السلحفاة، وجد أنها قد تقدمت مترا (أي عشر المسافة التي قطعها هو) فلما قطع هذا المتر كانت السلحفاة قد تقدمت عشر المتر، فإذا قطع هذا العشر، تكون قد تقدمت جزءا من مائة من المتر ، وهكذا يظلان إلى ما لا نهاية، فلو ظل المتسابقان إلى آخر الدهر فلن يلحق الرجل السلحفاة. (ج)
إذا انطلق سهم في الهواء، فلا بد أن يكون في أية لحظة زمنية ثابتا في مكان معين؛ لأنه لا يجوز أن يكون في اللحظة الواحدة في مكانين مختلفين، ولكن إذا كان السهم في كل جزء زمني ساكنا في مكان بعينه، لزم أن يكون في مجموع الفترة الزمنية ساكنا كذلك؛ لأن استمرار السكون ينتج سكونا ولا يولد حركة.
من هذه الأمثلة الثلاثة، يتضح أن الحركة مستحيلة الحدوث وإن خيل إلينا أنها حقيقة واقعة؛ لأنك - كما ترى - إن فرضت حدوث الحركة، تورطت في سلسلة من المتناقضات، لا تستقيم مع العقل والمنطق.
وليست هذه الفروض التي يتقدم بها «زينو» صبيانية تافهة، كما يبدو للنظرة العجلى، بل قد آثار بها مشكلة لا تزال حتى اليوم مجال البحث والنظر، هي مشكلة الزمان والمكان: هل هما محدودان أم لا نهائيان؟ فمثلا مجرد القول أن ثم مكانا اعتراف ضمني بأنه محدود، ولكنا نعود فنقول من جهة أخرى ماذا عسى أن يكون خارج تلك الحدود غير مكان آخر وآخر إلى ما لا نهاية؟ وإذن فالمكان لا نهائي ولا تحده الحدود!
أثار زينو هذه المشكلة وهو في سبيل البرهنة على استحالة الكثرة والحركة، وقد خلص من ذلك إلى نتيجته التي كان يرمي إليها، وهي أنه ما دام في فرض الكثرة والحركة كل هذا التناقض فلا يمكن أن تكونا حقيقتين، ولا بد أن يكون في الوجود كائن واحد - كما قال بارمنيدس - هو الوجود نفسه، في وحدة لا تعرف التعدد، وفي سكون لا يعرف الحركة، وعلى أساس هذا التناقض نفسه، أنكر «كانت» فيما بعد حقيقة المكان والزمان وقرر أنهما باطلان وليس لهما وجود في الواقع الخارجي، بل هما من خلق أنفسنا، وحيلة اخترعتها عقولنا لتستعين بها على التعبير عن أفكارنا؛ إذ كنا لا نستطيع أن نفكر تفكيرا مطلقا بمعزل عنهما.
ولما كان مبعث هذا التناقض كله هو اختلاف في حقيقة الكون - هل هو واحد فقط ليس له مكان بحكم واحديته ولا زمان بحكم سكونه؟ أو هو كثير توجد وحداته في المكان وتتحرك في الزمان؟ - فقد تقدم هيجل
Hegel
في العصور الحديثة بحل يوفق بين الطرفين، فليس الكثير والواحد طرفين متناقضين فيما يرى، بل هما وجهان لحقيقة واحدة يلتقيان في نهاية الأمر لو أنك سموت بتفكيرك إلى مرتبة فوق المستوى الضيق المعهود، يقول «هيجل» إن الكمية في معناها الصحيح هي كثير في واحد، وواحد في كثير، ولا يمكن الفصل بين العنصرين؛ فكومة القمح وحدة ولكنها تتألف من أجزاء كثيرة، فهي واحد إن نظرت إليها من ناحية، وهي كثير إن نظرت إليها من ناحية أخرى، وقل مثل ذلك في كل شيء، هو واحد باعتبار جملته، وهو كثير باعتبار وحداته التي يتألف منها، ومن الخطأ أن تحاول التفريق بين هذين الوجهين، فلن تجد واحدا لا يتكون من وحدات كثيرة، ولن تجد وحدات لا تأتلف في واحد، ولو حاولت ذلك كنت كمن يريد أن يظفر بعصا لها طرف واحد.
وقد كان أرسطو يعد زينو مخترع الجدل، وليس يعنى أي جدل، إنما يعنى الجدل الفلسفي، وهو البحث على الحقيقة من طريق المناقشة والحوار وإظهار المتناقضات عن هذا النمط، وهو نوع مهر فيه أيضا «أفلاطون» و«كانت» و«هيجل». •••
Bilinmeyen sayfa