Yunan Felsefesinin Hikayesi
قصة الفلسفة اليونانية
Türler
وقد بقي هذان الشطران المتناقضان عند «بارمنيدس» دون أن يؤلف بينهما، بل دون أن يدرك تناقضا بينهما، فأما خلفاؤه - أمبذوقليس وديمقريطس - فقد تناولا الشطر المادي وأقاما على أساسه فلسفتيهما، فإن كان الوجود لا يطرأ عليه الكون والفساد، والوجود قوامه المادة في رأيهما، إذن فالمادة لا تستحدث ولا تفنى، وأما ما نرى من حدوث الأجسام وفنائها، فهو تجمع الذرات المادية أو تفرقها، أما جوهرها وحقيقتها فأزلي أبدي.
وبقي الشطر العقلي المجرد من فلسفة بارمنيدس لا تمتد إليه يد البحث حتى أدركه أفلاطون فهذبه وسما به إلى مستوى التجريد الخالص.
وأنت ترى من ذلك في وضوح أن بارمنيدس كان حلقة الاتصال بين مرحلة طبيعية حسية سبقته، ومرحلة عقلية ستجيء من بعده. (3) زينو
zeno
ولد في إيليا نحو سنة 489ق.م، انتهت به الدراسة والبحث إلى أن يذهب مع بارمنيدس فيما ذهب إليه، وأخذ يكتب فصولا لا يضيف فيها إلى الفلسفة جديدا، بل يؤدي بها رأي سالفه.
فهو يرى ما ارتآه بارمنيدس في نظرية «الوجود» وفي أن عالم الحس وهم باطل، يعتريه التغير والزوال، مع أن الحقيقة الخالدة لا تتغير ولا تزول، ولكن لم يرد أن يسوق الفكرة ليفرضها عليك فرضا، لا يستند إلى الحجة المقنعة والدليل المبين، بل يسلك بك طريقا مستقيمة، إلا تكن مؤدية إلى غاية من اليقين الثابت فهي تلقي في نفسك الحيرة، وتبعثك على التفكير.
انظر إلى العالم الحسي، أعني عالم الأشياء: الأرض والسماء وما يحويان من الجوامد والأحياء، تلاحظ فيه خاصتين واضحتين؛ فهو متغير متحول، وهو كثرة من الأفراد والأنواع والأجناس، ونحن إنما نزعم لك أن حقيقة الكون لا تعرف ذلك التغير والتحول ولا هذه الكثرة المتنافرة، فهي ثابتة على صورة واحدة، وهي شيء واحد لا كثرة فيه، ومعنى ذلك بعبارة أخرى أن جوهر الكون حقيقة لا تتحرك ولا تتعدد، فأما الحركة التي نراها تطرأ على الأشياء، وأما تعدد الكائنات، فكلاهما مستحيل لا يؤيده الدليل، وإذا ثبت ذلك لزم أن يكون مبعثهما - أي الأشياء نفسها - مستحيلا كذلك، وإنما هي ظلال تنخدع بها الحواس، لا تمت إلى الحقيقة نفسها بسبب، اللهم إلا إن كانت سترا تكمن الحقيقة وراءه، وهاك الدليل على بطلان الكثرة والحركة. (3-1) الدليل على بطلان الكثرة
إن كانت الكثرة حقيقة واقعة - ونعني بالكثرة أن الكون ليس شيئا واحدا بل وحدات كثيرة متراكمة - كان الكون لا متناهيا في الكبر، ولا متناهيا في الصغر في وقت واحد، فهو لا متناه في الصغر؛ لأنه مؤلف من وحدات كما فرضت أولا، ولا بد أن تبلغ تلك الوحدات من الصغر حد اللانهاية بحيث لا يكون لها حجم؛ لأنه إن كان للوحدة حجم سقطت عنها صفة الوحدة وأصبحت قابلة للانقسام إلى وحدات أصغر منها، فإذا سلمنا بأن كل وحدة على انفراد لا حجم لها لزم أن يكون الكون الذي يتكون منها لا حجم له كذلك؛ لأنه حاصل جمعها.
وكذلك يكون الكون لا متناهيا في الكبر؛ لأن له جرما لا شك فيه، وكل جرم قابل للانقسام إلى جزيئات لا نهاية لعددها، ومهما بلغت تلك الجزيئات من الصغر، فهي إذا ضربت في عدد لا نهائي، كان الناتج كونا عظيما يمتد إلى ما لا نهاية.
وإذن ففرض الكثرة يؤدي إلى نتيجتين متناقضتين لا يسلم بهما معا منطق سليم، فلم يعد أمامك سبيل إلا أن تنكر إنكارا باتا، وأن تسلم بأن الكون كله شيء واحد لا يقبل التجزئة، وأن هذه الأجزاء التي تراها متفرقة باطلة ليس لها وجود. (3-2) الدليل على بطلان الحركة (أ)
Bilinmeyen sayfa