قال الشيخ: هذا تعسير لا تفسير، ولو كان كما قال لكان هجوًا صريحًا، فإنه ينوط صدقهم في نسبهم بشرط، والرجل نزيه عنه، وكلامه بريء منه، فإنه يؤيد ما مدحه به فيما تقدمه، ويقول: إذا لم تكن نفس النسيب كأصله في مكارم الأخلاق والأفعال واقتناء المفاخر والمآثر والجمع بين التُقى والعُلى والشرف الأوفى والعمل الأزكى وعمارة الدين بالدنيا وإطلاعه منها الذروة العليا وبلوغه الغاية القصوى مثلك الذي ينصر أباه بأفعاله، ويقطع ألسنة حساده ببواتر أعماله فما تغني المناصب الكريمة والمناسبة
الشريفة، والنسيب ساقط عن رتبتها وهابط عن ذروتها غير حامٍ لكنفها ولا زائد في شرفها؟ كما قيل:
فوا أسفي على شرفٍ صميمٍ ... أصاب بنجمهِ منك احتراقُ
(يقولونَ: تأثيرُ الكواكبِ في الورى ... فما بالهُ تأثيرهُ في الكواكب؟)
قال أبو الفتح: أي هو الذي يؤثر في الكواكب، فكيف قال الناس: إن الكواكب تؤثر في الناس؟ يعجب من ذلك ويعظم أمره، وذلك أنه يبلغ من الأمور ما أراد، فكأن الكواكب تبع له، وليس هو تبعًا لها.
قال الشيخ: معنى هذا البيت عندي أن هذا الممدوح يعمل في الكواكب ما تعلمه
1 / 73