خليلُكَ أنتَ لا من قلتَ خِلِّي ... وإن كَثُرَ التَّجمُّلُ والكلامُ
ويجوز أن يكون المعنى: ما الخل إلا من لا فرق بيني وبينه، فإذا وددت فكأني بقلبه أود، وإذا رأيت فكأني بطرفه أرى، أي: إنما يستحق أن أسميه خلًا من كان كذا.
قال الشيخ: وهذا أيضًا مشوب عندي، لأن الفصل من شرحه الأول يبين البيت، ولا يلائمه، فإن قوله:
(ما الخِلُّ إلاَّ مَنْ أوَدُّ بقلبهِ ... . . . . . . . . . . . . . . .)
غيره بلا خلاف.
وقوله: خليلك أنت. . .
نفس المخاطب بلا دفاع، وشتان ما هما، والفصل الثاني أقرب إلى المعنى، وإن كان قاصرًا عن أدائه بجميع أجزائه، فإنه يقول: ما الخل إلا من أود لا فرق بيني وبينه كما فسره غير أنه يريد: ما الخل إلا من يكون باطنه باطني وظاهره ظاهري، فإذا وددت شيئًا فقلبه يوده، وإذا رأيت شيئًا فطرفه يراه ولا يرده، إغراقًا في الوداد وغلوًا في المصافاة والاتحاد وموافقات في نظرات العين وخطرات الفؤاد، والإنسان إذا وافق صديقه بقلبه وفاقًا صادقًا كانت الحواس الخمس التي هي جواسيسه وخدمه تبعًا له في وفاقه ومددًا لمراده في رفاقه. وتمام المعنى أنه يود بقلبه وهو يرى بطرفه، وإذا كان يرى بطرفه، فهو أيضًا يود بقلبه، فإن سبب الود نظر العين، ألا ترى إلى قوله؟
ومَا هيَ إلاَّ نظرةٌ بعدَ نظرةٍ ... إذا نزلت في قلبهِ رحَلَ العَقلُ
وقوله:
يا نظرةً نفتِ الرُّقادَ وغادرت ... في حَدَّ قلبي ما حييتُ فُلولا
كانت منَ الكحلاءِ سُؤلي إنَّما ... أجَلِي تمثَّل في فؤاديَ سُولا
1 / 8