البدر
بأن يُشبه باللُّجين والشمس بأن تُشبه بالذهب، أي: لم أهجك فتتنكر لي.
قال الشيخ: هذا التفسير كما تراه، وما للهجاء في البيت موضع ومكمن، وعندي أنه يقول: ما وصفت معاليك إلا بحقها، ولا مدحت مآثرك إلا على وجهها، ولا وضعت كلامي منها إلا في موضعها، وما بخستك حظًا فيها، ولا نقصتك شيئًا منها، وما أحلت ولا غيرت وصفًا عن الواجب، ولا بدلت، فما قلت للبدر: أنت اللُّجين، وهو الذهب، فهذا بخس، ولا قلت للشمس: أنتِ الذهب، وهي الفضة، وهذا تغيير وعسف، لكن وصفت كل شيء من معاليك بوصفه، وخرجت إليه من تمام حقه، ووفيته كمال نعته، فما القلق منه والغضب فيه؟ والبدر يُشبه بالذهب لما فيه من الصفرة والشمس بالفضة والماء الصافي لما فيها من النقاء والصفاء كما قيل:
وكأنَّ يدَ البَدرِ المقابلِ فجرَه ... تَسُلُّ على ترسٍ منَ التِّبرِ مرهفا
وكما قيل:
وماءٍ كعينِ الشَّمسِ لا تقبلُ القَذَى ... إذا درجت فيه الصَّبا خلتَه يعلو
(أيا سيفَ ربِّكَ لا خلقِهِ ... ويا ذا المكارم لا ذا الشُّطَبْ)
قال أبو الفتح: أي أنت بأن تُسمى ذا المكارم أحرى منك بأن تُسمى ذا الشطب، لأنك فوق أن تُسمى بالسيف، كقوله:
وندعوكَ الحسامَ وهل حسامٌ ... يعيشُ بهِ منَ الموتِ القتيلُ؟
1 / 48