مختارًا من الطاعة، والعوض إنما يكون مستحقًا عن المصائب التي لم يخترها الإنسان، والتفضل دون ذينك، ولهذا قيل: منازل الاستحقاق أشرف من منازل التفضل.
قال الشيخ: أورد فصلين وذكر معنيين، وقد قلنا: إن الشاعر لا يريد ببيت يقوله غير معنى واحد فما عداه تعسف وخدش، وعندي إن المتنبي يقول: فعوض سيف الدولة الأجر عن
صبره على مصابه ليكون عوضًا عن مصيبته، فإن سيف الدولة أجل مثاب في الخلق من أجل مُثيب، وهو الخالق عز وعلا. وقد ذكر هو هذا المعنى في الفصل الأخير دون هذا التفسير، فإنه منع سيف الدولة استحقاق الأجر والثواب عوضًا عن المصاب، وهو يستحقهما، فإنه آثر الصبر وترك الجزع مختارًا، ولم يأته اضطرارًا، ولو آثر الجزع على الاصطبار لم يُمنع من هذا الإيثار.
وقال في قصيدة أولها:
(فَديناكَ من ربعِ وإنْ زدتنا كَربا ... . . . . . . . . . . . . . . .)
(لها بَشَرُ الدُّرِّ الذي قُلِّدتْ بهِ ... ولم أرَ بدرًا قَبلَها قُلِّدَ الشُّهْبا)
قال أبو الفتح: الشُّهب جمع شهباء، يعني الدُّرة، ويجوز أن يكون عنى بالشُّهب جمع أشهب، يعني الكواكب لذكره البدر، وهذا هو القول،
1 / 28