(ت: ٥٣٩) من أهل مرسية فقد كان فقيهًا حافظًا رحل إلى المشرق وأخذ عن أبي عبد الله محمد بن مسلم المخزومي المتكلم تأليفه المسمى "المهاد في شرح الإرشاد" لأبي المعالي، وقفل إلى الأندلس وتصدر للتدريس (١).
ومن الجدير بالذكر أن إعجابهم بالمؤلفات الأشعرية لم يمنعهم من نقدها فيما بعد، فقد ردّ أبو الحسن على محمد بن خروف الحضرمي (ت: ٦٠٩) على الجويني في كتابه "البرهان وكتابه "الِإرشاد" (٢)، وردّ غيره كما تذكر كتب التراجم.
وبالرغم من كلّ هذه الاجتهادات فإنني أؤكد بأن جلّ هذه الآراء لم تتجاوز مجموعة من العلماء تدارسوا هذه الآراء فيما بينهم، ولم يقدّر الله ﷿ لهذه الأفكار أن تنتشر بين الجماهير المسلمة، بل ظلت الغلبة والسطوة للاتجاه السلفي السليم حتى عهد فقيهنا ابن العربي (ت: ٥٤٣)، وهذا ما صوّره المؤرخ المراكشي في قوله: "دان أهل ذلك الزمان (عهد المرابطين) بتكفير كل من ظهر منه الخوض في شيء من علوم الكلام، وقرر الفقهاء عند أمير المسلمين تقبيح علم الكلام، وهجرهم من ظهر عليه شيء منه، وأنه بدعة في الدين، وربما أدى أكثره إلى اختلال في العقائد" (٣) كما صوره ابن خلدون بقوله: "كان أهل المغرب بمعزل عن أتباعهم (أي أتباع الأشاعرة) في التأويل وأخذ رأيهم فيه، اقتداء بالسلف في ترك التأويل وإمرار المتشابهات كما جاءت" (٤).
وهكذا فإن العقيدة الأشعرية لم تتمكن في المغرب الِإسلامي إلاَّ في القرن السادس، وذلك بمجيء المهدي بن تومرت (ت: ٥٢٤) الذي "طعن
_________
(١) ابن الأبار: المعجم: ١٤٦ - ١٤٧.
(٢) المراكشي: الذيل والتكملة: ٥/ ٣١٩ - ٣٢٠، ابن الأبار: التكملة: ٢/ ٦٧٦، الترجمة رقم: ١٨٨٤ (ط: مصر) الرعيني: برنامج شيوخه: ٨١.
(٣) المعجب: ٢٣٦ - ٢٣٧.
(٤) العبر: ٦/ ٤٦٦.
1 / 42