306

Yorum Yasası

قانون التأويل

Araştırmacı

محمد السليماني

Yayıncı

دار القبلة للثقافة الإسلامية ومؤسسة علوم القرآن

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1406 AH

Yayın Yeri

جدة وبيروت

قلت ثم بين ابن العربي أن مسألة الانحصار هذه مسألة شائكة وتحيط بها إشكالات عديدة؛ لأن العلم الذي به أدرك الِإنسان انقسام الموجودات إلى جواهر وأعراض، به أدرك كذلك أن ثمة موجود آخر ليس بجوهر ولا عرض ولكن لا يحيط به علمًا، وكذلك أن الكون من حركة وسكون لا ثالث لهما، وأن السواد والحمرة لا غاية وراءهما، وإن كان بينهما وسائط (١). وأن العلم لا تعلق له بالعلم المحض، وإنما يتعلق بمعدوم مقدر، فإن قدر الِإنسان عالمًا آخر، وأمكنه فهمه، فقدر موجودًا ليس بجوهر ولا عرض، وكونًا ليس بحركة ولا سكون. ولونًا ما ليس بحمرة ولا سواد، فإن وجب أن ينحصر ذلك في المعلوم، فلا يسأل عما وراءه بنفي أو إثبات.
ويقرر ابن العربي بأن القول بتناهي الأجناس والأنواع ليس إلاَّ لغوًا من الكلام، إذ ليس هناك من دليل نظري ولا ضروري يدل على الانحصار وتناهي الموجودات في هذه الأجناس والأنواع المعروفة لدينا. واستدل على ما ذهب إليه بحديث المعراج الذي صرح فيه النبي ﷺ بما يفيد عدم تناهي الأجناس والأنواع حيث قال: "ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى انْتُهِيَ بِي إِلَى سِدْرَةِ المُنْتَهَى، فَغَشِيَهَا ألوَانٌ لَا أدرِي مَا هِيَ .. " (٢) فهذا الحديث يدل عند ابن العربي على عدم انحصار الألوان، إذ لم ير النبي ﷺ في سدرة المنتهى شيئًا يشابه ما عهده في الدنيا، ويؤيده الحديث القدسي الذي يقول فيه النبي ﷺ: "قال الله ﷿: أعدَدْتُ لِعِبَادِي الصالِحِينَ مَا لَا عَيْن رَأت، ولا أذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ .. الحديث" (٣).
وهذا يشير إلى أشياء مخالفة لأجناس الموجودات وأنواعها المعروفة لدينا (٤).

(١) م، ن: ١٣٧ - ١٣٨.
(٢) هذا جزء من حديث طويل رواه مسلم في كتاب الإِيمان رقم ١٦٣ باب الإسراء برسول الله ﷺ إلى السموات وفرض الصلوات.
(٣) أخرجه مسلم في الجنة رقم ٢٨٢٤ والترمذي في التفسير ٣١٩٥.
(٤) انظر ابن العربي عارضة الأحوذي ٢/ ٧٦، العواصم من القواصم ١٣٧.

1 / 319