İngiltere ve Süveyş Kanalı: 1854-1951
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
Türler
وقال في آخر خطابه أنه لا يهم بعد ما ذكر أن يرضى الشعب المصري الآن أو لا يرضى عن وجود الإنجليز في القناة.
وصرح الجانب المصري عن دهشته لهذه النغمة المتكررة التي تبرر استعمارية القرن التاسع عشر، والتي ظن أنها انتهت نهائيا بالقضاء على الفاشية والنازية، أخذ الجانب المصري يردد مساوئ الاحتلال البريطاني في مصر مستعرضا تاريخ الحكم الإنجليزي في وادي النيل منذ سنة 1882، وذكر مجلس الأمن بأن مسألة معاهدة سنة 1936 ليست مسألة قانونية فحسب، «فمهمتكم - يخاطب أعضاء مجلس الأمن - ليست الحكم في حقوق الطرفين المتخاصمين القانونية، إن مهمتكم الأولى هي المحافظة على السلام والأمن، هي إيجاد الظروف التي تنمو فيها العلاقات الودية والسلمية بين الشعوب ... وكثيرا ما أدت المعاهدات الفاسدة إلى اضطراب السلام.»
ثم استعرض الجانب المصري معاهدة سنة 1936 نصا نصا، وبين أن قيمة أي تحالف ليس في الشروط التي تكتب أو النصوص التي تسطر، وإنما في روح الصداقة الذي يربط بين الشعوب ... فهو بلا شك خير وأبقى.
قارع الجانب المصري بريطانيا الحجة، ووضح وجهة نظره في مسألة السودان، وأبان أن نظام عصبة الأمم الذي نصت المعاهدة على الاحتكام إليه في حالة الاختلاف قد زال من الوجود، وأن مصر قد لجأت الآن إلى الهيئة الدولية الموجودة، وهي هيئة الأمم المتحدة، ترجو الإنصاف وتحقيق مطالبها.
ولكن احتكام مصر إلى مجلس الأمن لم يؤد إلى نتيجة في تحقيق المطالب المصرية والجلاء عن قناة السويس والسودان، على أن مصر بالرغم من ذلك أسمعت العالم أجمع شكواها، وأفصحت حكومتها رسميا على مشهد من جميع الدول عن رأيها في العلاقات المصرية الإنجليزية. •••
وظلت الأزمة السياسية بين مصر وإنجلترا مستحكمة، تتقدم خطوة وتتأخر خطوات، وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تزداد إيمانا بقضيتها، وبعدالة حقوقها، استمر الإنجليز مشرفين على القناة محتلين لها لا يتزحزحون عنها، ثم شغلت مصر فترة من الوقت بالدفاع عن فلسطين وحقوق العرب؛ حتى إذا وقعت الهدنة، عادت مسألة تحديد العلاقات المصرية الإنجليزية إلى الظهور مرة ثانية تستلزم حلا حاسما.
فعادت الحكومة المصرية إلى الاتصال من جديد بالحكومة الإنجليزية، وأرادت وزارة الوفد منذ توليها في أول سنة 1950 العمل على تصفية الجو بينها وبين بريطانيا وفي الشرق الأوسط، وتقدمت إلى الحكومة البريطانية مبينة أن مطالبها هي «جلاء القوات البريطانية جلاء ناجزا، وصيانة وحدة مصر والسودان تحت التاج المصري»، وعلى أساس تحقيق هذين المطلبين تستطيع مصر تأدية واجبها في سبيل السلام العالمي.
وفي أوائل صيف سنة 1950 رحب مستر أرنست بيفن بفتح باب المفاوضات، واقترح أن يجرى أولا بين رئيس أركان حرب الإمبراطورية فيلد مارشال سير وليام سليم وبين الحكومة المصرية بحث صريح رسمي للنواحي العسكرية للمسألة التي تواجهنا في الشرق الأوسط، وأضاف إلى أن ثمة نواحي أخرى لهذه المسألة غير النواحي العسكرية، ورأى أن تسير هذه المباحثات بأقل ما يمكن من العلانية.
وأسرعت الحكومة المصرية إلى إجابة الحكومة البريطانية إلى رأيها على أساس الموافقة على مبدأي جلاء القوات البريطانية، ووحدة مصر والسودان، كما بينت رغبتها في الاتصال بالسفير البريطاني الجديد لدى وصوله.
وجاء المارشال سليم إلى مصر، وكان الوقت صيفا 5 يونيو 1950، واتصل بولاة الأمور في مصر، وبين لهم في جلاء أولا: أنه لا يمكن فصل المسألة السياسية عن العسكرية، وأكد وجود الخطر الروسي الداهم وأنه لا يمكن لدولة واحدة مقاومته، وأن الحل الوحيد هو تكتل الدول ذات المصلحة في مقاومته من الوجهتين العسكرية والصناعية، والتنازل عن بعض سيادتها وتقاليدها الماضية، وقد تنازلت إنجلترا نفسها وغيرها عن بعض السيادة وقبلت وجود قوات أجنبية في بلادها. وتركت الولايات المتحدة سياسة العزلة القديمة، واشتركت اشتراكا فعليا في الدفاع عن العالم الغربي.
Bilinmeyen sayfa