وقوله تعالى: { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } وقوله: هل أنبئكم بشر من ذلك } فهو شدائد ومصائب. وليس بشر على الحقيقة وقوله: شر - مجاز وتوسع. وإرادته أنه ضرر وشدائد؛ لأن الشر هو عبث وفساد. وفاعله شرير، إذا كثر ذلك منه. وجمع فاعل الشر، هو الأشرار. والله تعالى يجل عن أن يكون شريرا، ويكون مع الأشرار فصح بهذا أن الله لا يفعل الشر، على الحقيقة. وسؤالهم عن عذاب جهنم خير، أو شر. فهو عدل وحكمة.
مسألة:
ويوصف الله تعالى: بأنه مختار. ومعناه: أنه مريد له، إذ لم يكن ملجأ إلى ما أراده، ولا مضطرا إليه.
والإرادة: هي الاختيار في اللغة، في وصفنا له تعالى بذلك، وفي وصفنا لغيره إذا كانت على ما وصفنا، من زوال الإلجاء والاضطرار إليها.
ويقال: إن اختيار الله الذي اختاره، غير المختار، كما أن الإرادة غير المراد، من الله تعالى، ومن العباد.
وقيل: إن الله لا يوصف، بأنه يختار، ومن وجه الجهل، لجهله وقلة علمه بالأجود وفي القرآن، ما يؤيده القول الأول: قوله تعالى: { وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة } ما كان لهم أن يختاروا هم. واختيار الله للأنبياء عليهم السلام هو اختياره لإرسالهم إلى العباد، اختيارا لهم في سعة اللغة.
فإن قال: أفاصطفاء الله الأنبياء، هو اختياره لهم؟
قيل له: اصطفاؤه إياهم: هو اختصاصه إياهم بها. فليس معنى الاصطفاء، معنى الاختيار.
مسألة:
ويقال: إن الإنسان يكون خليلا لله.
ومعنى الخلة: الاختصاص.
فمن اختصه الله برسالته ووحيه، وأفضى إليه من ذلك، ما لم يفض به إلى غيره من الناس، كان لله خليلا؛ لأن الله تعالى قد اختصه، بما وصفنا.
ولهذا كان إبراهيم خليلا لله، إذ كان قد اختصه، بما لم يؤته غيره من الناس. ولهذا كان الرجلان، إذا اختص بعضهما ببعض، وأفضى كل واحد منهما إلى صاحبه، بما لم يفض به إلى غيره، سمى خليلا له - في اللغة.
Sayfa 209