المسألة الثانية: قال في النيل الدفاع إما فرض و هو لمريد قتلك أو أخذ لباسك أو سلاحك أو من لزمك الدفاع عنه بما قدرت و إن بلا سلاح و نما ينجيه من كغرق أو بهيمة أو من قبل الله و لا يحط عنه من التنجية إلا ما يعطي فيه المال لأخذه عليه فلا يلزمه إتلاف نفسه إلا عليها قال القطب رحمه الله الدفاع فرض و هو القتال لمريد قتلك أو أخذ لباسك أو سلاحك أو مريد ضر من لزمك الدفاع عنه كعيالك و صاحبك الذي عقدت معه الصحبة و من تعلق إليه ممن لزمه الدفاع عنه مثل ذلك ما إذا أراد أخذ ذلك بقتل أو بلا قتل كخطف و كذا إن أراد القتل بقتال أو بدونه و الدفاع في ذلك كله يكون بما قدرت عليه و إن بلا سلاح إن لم يكن بيده أو عوجل عليه إذا كان الدفع لغيره أو له و مثال الدفاع بغير سلاح الدفع بيد أو عصى لا حد يده فيها أو يلقيه في نحو نار أو ماء و بما ينجي من لزمك الدفاع عنه من كفرق أو بهيمة أو ضرر هو من قبل الله مثل الغرق و الحرق و الهدم و الجوع و العطش و الحر و البرد و غير ذلك و معنى كون الضر من قبل الله لا سبب لمخلوق فيه كحر و برد و ماء فالتنجية واجبة مما هو بواسطة مخلوق و مما هو بلا واسطة مخلوق و إن أرسل الماء إليه بواسطة مخلوق و تكون النتيجة بالنفس مثل أن ينقذ الغريق و يرفع من أحاط به الحريق و مما ينجو به كلباس المقرور و إطعام الجائع و سقى العطشان و طرد السبع عنه أو قتله فإن ترك التنجية في ذلك كفر فلا يحط عنه من التنجية إلا ما يعطي فيه المال لأخذه عليه أي عنه بأن يأخذه جائر على مال فلا يجب عليك أن تعطي المال للجائر ليخليه و أما ما تعطي من المال من طعام أو شراب أو لباس أو ركوب لينجو به فواجب عليك فالضمير في قوله عنه للمنجا بضم الميم أي من هو من شأنه أن ينجي غيره إن كان مكلفا قادرا و تكون النتيجة أيضا باللسان مثل أن يصيح على الجاني أو الحيوان أو يصيح ليجيء الناس و لا يسقط عنه فرض ذلك لنفسه أو لمن لزمه تنجيته و لا يلزمه إتلاف نفسه إلا عليها أي إلا على نفسه و ذلك أن يكون على دفع إنسان أو غيره عن نفسه فلا يجوز له أن يترك الدفع فيموت بذلك الضر بل يدفع و لو كان في موته إذا كان في ترك الدفع موته أيضا إلا إذا لم يظن شيئا من الدفع أو أسر أو ذهب عقله فلا يكلف الدفع ويجوز للإنسان أن يأمر غيره أن يدفع عن الواقع في ذلك الحال فلا يلزم المأمور أن كان المأمور يموت بالدفع وله أن يأمر الواقع في تلك المهلكة أن يدفع عن نفسه بل هو واجب لأنه أمر بمعروف ونهى عن منكر وأما تطوع مقابل لفرضيته وهو إتلافها عن الغير كدفاع مغير لأخذ ماله أو مال الغير أو قتال الغير وكتغيير جوره وكدفاع مفسد مالا أو مستخف لأخذه ولا يلزم أظهار تجوير مبتدع أو طعن في دينه أو تصويب ديانة الموافق ولا الدفاع عن المال الذي لا يؤدي إلى تلفه من جوع أو عطش أو حر أو برد وأما اللباس الذي يؤدي إلى تلف النفس فأنه يلزم الدفاع عنه وكذلك السلاح الذي يرد به عن نفسه وقد قالوا يموت الرجل ولا يعرى ولا يعطي سلاحه وأن أعطاه فمات به عمن أعطاه له هلك إلا أن تاب لم يهلك ولو قتله بذلك السلاح ولا يعطي عدوه.
المسألة الثانية : هل الجهاد والدفاع اسمان لمسمى واحد أم هما نوعان قال الشيخ الخليلي رحمه الله أن الجهاد اسم شامل لما تحته من الأنواع وله من الفضل صفات تعرف وأن أعلى الوجوه فيه وأشرفها وأرضاها لله وأقربها عنده ما كان لا يراد إلا أظهار الحق ومعزة الإسلام وإعلاء منازل الدين ومحق الفساد والظلم والكفر وتوهين أهله واثخانهم ونكايتهم لتكون كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا فالقتال على ذلك هو الذي افترض بذل المال والنفس عليه.
Sayfa 86