وقوله: «متى يسترفد القوم أرفد» كناية عن الكَرَمِ، فكأنه قال: لست بخيلًا ولكن كريمًا، فهي - هاهنا - واقعة بين ضدّين.
ولا تعمل مخففة خلافًا ل «يونس»، ولها أحكام كثيرة.
ومعنى الاسْتِدْرَاك في هذه الآية يحتاج إلى تأمل ونظر، وذلك أنهم لما نهوا عن اتخاذ مثل ما كانوا يتعاطونه من الإفساد، فقابلوا ذلك بأنهم مصلحون في ذلك، وأخبر - تعالى - بأنهم هم المفسدون كانوا حقيقين بأن يعملوا أن ذلك كما أخبر - تعالى - وأنهم لا يدعون بأنهم مصلحون، فاستدرك عليهم هذا المعنى الذي فَاتَهُمْ من عدم الشعور بذلك.
ومثله قولك: «زيد جاهل، ولكن لا يعلم»، وذلك لأنه من حيث اتّصف بالجهل، وصار الجهل وصفًا قائمًا به كان ينبغي أن يعلم بهذا الوَصْف من نفسه؛ لأن الإنسان له أن يعلم ما اشتملت عليه نفسه من الصفات، فاستدركت عليه أنَّ هذا الوصف القائم له به لا يعلمه مُبَالغة في جهله.
ومفعول «يشعرون» محذوف: إمّا حذف اختصار، أي: لا يشعرون بأنهم مفسدون، وإما حذف اقتصار، وهو الأحسن، أي: ليس لهم شعور ألبتة.
الكلام عليها كالكلام على التي قبلها.
و«آمنوا» فعل وفاعل، والجملة في محل رفع لقيامها مقام الفاعل على ما تقدم في ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض﴾ [البقرة: ١١] والأقوال هناك تعود هُنَا.
والكاف في قوله «كما آمن» في محلّ نصب.
وأكثر المعربين يجعلون نعتًا لمصدر محذوف، والتقدير: آمنوا إيمانًا كإيمان النَّاس، وكذلك يقولون في: «سير عليه حثيثًا»: أي سيرًا حثيثًا وهذا ليس مذهب سيبويه، إنما مذهبه في هذا ونحوه أن يكون منصوبًا على الحال من المصدر والمضمر المفهوم من الفعل المتقدم.