اللباب في علوم الكتاب
اللباب في علوم الكتاب
Soruşturmacı
الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٩ هـ -١٩٩٨م
Yayın Yeri
بيروت / لبنان
Türler
تمسكوا بها زَوَال العدوان، ولزم كل أحد شأنه، وحقنت الدّماء، وسكنت الفتن، فكان فيه صلاح الأرض، وصلاح أهلها، وإذا تركوا التمسُّك بالشرائع، وأقدم كلّ واحد على ما يَهْوَاه، وقع الهَرَجُ والمَرَجُ والاضطراب، ووقع الفساد في الأرض.
وقيل: الفساد هو مُدْرَارَاةُ المنافقين للكافرين، ومخالطتهم معهم؛ لأنهم إذا مالوا إلى الكُفْرِ مع أنهم في الظاهر مؤمنون أَوْهَمَ ذلك ضعف الرسول وضعف أنصاره، فكان ذلك يجري للكفار على إظهار عداوة الرسول، ونَصْبِ الحروب له.
وقال الأصَمَ: كانوا يدعون في السّر إلى تكذيبه، وجَحْد الإسلام، وإلقاء الشُّبهات، وتفريق بين النَّاس عن الإيمان.
فصل في مراد المنافقين بالإصلاح
قوله: ﴿قالوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ هم المُنَافقون، لأن مرادهم بهذا الكلام نقيض ما نهوا عنه، وهو الإفساد في الأرض؛ فقولهم: إنما نحن مُصْلحون كالمُقَابِل له، وفي هذا احتمالان.
أحدهما: أنهم اعتقدوا أن دينهم صواب، فكان سعيهم لأجل تقوية ذلك الدّين، لا جرم قالوا: إنما نحن مصلحون، يعني: أن هذه المُدَاراة سَعْيٌ لأجل تقوية ذلك الدّين، لا جرم قالوا: «إنما نحن مصلحون» أي: نحن نصلح أمر الفساد.
وقال ابن الخطيب: العلماء استدلّوا بهذه الآية على أنَّ من أظهر الإيمان وجل إجراء حكم المؤمنين عليه، وتجويز خلافه لا يطعن فيه، وتوبة الزِّنْدِيق مقبولةٌ، والله أعلم.
وقوله: ﴿ألاا إِنَّهُمْ هُمُ المفسدون﴾ «ألا» حرف تنبيه، واستفتاح، وليست مركّبة من همزة الاستفهام و«لا» النافية، بل هي بَسِيطَةٌ، ولكنها لفظ مشترك بين التَّنبيه والاستفتاح، فتدخل على الجُمْلَة اسميةً كانت أو فعليةً، وبين العرض والتخصيص، فتختصّ بالأفعال لفظًا أو تقديرًا، وتكون النافية للجنس دخلت عليها همزة الاستفهام، ولها أحكام تقدّم بعضها عند قوله تعالى: ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢]، وتكون للتَّمَنِّي، فتجري مجرى «ليت» في بعض أحكامها.
وأجاز بعضهم أن تكون جوابًا بمعنى «بَلَى» يقول القائل: ألم يقل زيد؟ فتقول: «ألا» بمعنى: «بلى قد قام» وهو غريب.
و«إنّهم» إنّ واسمها، و«هم» تحتمل ثلاثة وجه:
أحدها: أن تكون تأكيدًا لاسم «إنَّ»؛ لأن الضمير المنفصل المرفوع يجوز أن يؤكد به جميع ضروب الضَّمير المتصل.
وأن تكون فصلًا، وأن تكون مبتدأ.
1 / 352