وكذلك نفذ القانون الذي كان يبيح لكل أتيني أن يوصي بما له لمن يشاء من غير تقييد، وألغيت كل القيود التي كانت مصدر كثير من المصاعب، وهي حظر هذا الإيصاء على من لم يملك عقله أو من أضعفته الشيخوخة أو من تصرف خاضعا لتأثير السم أو المرض أو من أثرت في تصرفه المرأة، ألغيت هذه القيود حتى لا يكون هناك سبيل إلى مساعي السوكوفانتس،
1
واتخذوا هذه السنة نفسها في إصلاح القوانين الأخرى.
هذه سيرتهم أول الأمر، وقد قضوا على السوكوفانتس وعلى أولئك الخطباء المفسدين الدساسين الذين كانوا يتملقون الشعب فيجورون به عن قصد السبيل، وكانت المدينة تستبشر بهذا كله، وكان الناس يعتقدون أن الثلاثين لم يكونوا يسيرون هذه السيرة إلا رغبة في الخير وحسن التدبير، ولكنهم لم يكادوا يشعرون بأن سلطانهم قد أصبح ثابتا مؤيدا في المدينة حتى أظهروا سوء نيتهم، فلم يرعوا لمواطن حرمة وقتلوا من أعضاء المدينة كل من كانت تظهره ثروة أو مولد أو شهرة ليتقوا شرهم من جهة، وليستأثروا بثروتهم من جهة أخرى، وقد أحصي من قتلوا في آن قصير فكانوا لا يقلون عن خمسمائة وألف.
الفصل السادس والثلاثون
الثلاثون (2)
فشل ثيرامينيس فيما حاول بإزاء الثلاثين
أخذت المدينة تضعف شيئا فشيئا، فحاول ثيرامينيس - وكان شديد السخط على سوء فعل الثلاثين - أن يحمل هؤلاء الناس على أن يدعوا ما كانوا فيه من قسوة وعنف، وأن يمكنوا أخيار المدينة من العمل في مناصبها، فرفض الثلاثون أولا، ولكنهم رأوا أن نصيحة ثيرامينيس قد انتشرت بين الناس، وأن الشعب حسن الظن به، فأشفقوا أن يصبح ثيرامينيس زعيما للديموقراطيين وأن يلغي سلطانهم المطلق، فأخذوا يكتبون «ثبتا» بأسماء ثلاثة آلاف من أعضاء المدينة ليمنحوهم الحقوق السياسية.
فلم يرض ثيرامينيس عن هذا العمل بل ذمه وعابه؛ وذلك أن الثلاثين إذا كانوا يريدون أن يعطوا المعتدلين شيئا من السلطان فما بالهم لا يدعون إليه إلا ثلاثة آلاف كأن أهل الخير في المدينة لا يتجاوزون هذا العدد، ثم هم يتخذون شيئين متناقضين تناقضا تاما؛ يقيمون حكومة ملاكها العنف والشدة ويعرضون هذه الحكومة للخطر؛ لأنها أضعف من أن تتقي شر الخاضعين لها، لم يحفل الثلاثون بهذا الرأي، ولكنهم ماطلوا في إقامة «الثبت» الذي كانوا قد بدءوا فيه، واحتفظوا بأسماء الذين كانوا يريدون أن يمنحوهم الحقوق السياسية، وأخذوا كلما عزموا على إعلان هذا «الثبت» محوا ما كان فيه من الأسماء وأثبتوا مكانها أسماء جديدة.
وأرسلوا السفراء إلى سبارتا يتهمون ثيرامينيس ويطلبون المعونة، سمع أهل سبارتا لهم وأرسلوا الأرموستيس
Bilinmeyen sayfa