Kelimelerin Sonu
نهاية الإقدام في علم الكلام
Türler
والسر في ذلك أن الإرادة الأزلية لم تتعلق بالمراد من أفعال العباد من حيث هو مكلف به إما طاعة وإما معصية وإما خيرا وإما شرا بل لا يتعلق به من حيث هو فعل العبد وكسبه على الوجه الذي ينسب إليه فإن إرادة فعل الغير من حيث هو فعله تمن وشهوة وإنما يتعلق به من حيث هو متجدد متخصص بالوجود دون العدم متقدر بقدر دون قدر وهو من هذا الوجه غير موصوف بالخير والشر وإن أطلق لفظ الخير على الوجود من حيث هو وجود فذلك إطلاق بمعنى يخالف ما تنازعنا فيه فالباري تعالى مريد الوجود من حيث هو وجود الوجود من حيث هو وجود خير فهو مريد الخير وبيده الخير وأما الوجه الذي ينسب إلى العبد هو صفة لفعله بالنسبة إلى قدرته واستطاعته وزمانه ومكانه وتكليفه وهو من هذا الوجه غير مراد للباري تعالى وغير مقدور له ولما تقرر عندنا بالبراهين السابقة أنه تعالى خالق أعمال العباد كما هو خالق الكون كله وإنما هو خالق بالاختيار والإرادة لا بالطبع والذات فكان مريدا مختارا لتجدد الوجود وحدوث الموجود ثم الوجود خير كله من حيث هو وجود فكان مريد الخير وأما الشر فمن حيث هو موجود فقد شارك الخير فهو من ذلك الوجه خير ومراد وعلى هذا لا يتحقق في الوجود شر محض فهو تعالى مريد الوجود ومريد الخير والعبد يريد الخير والشر وعن هذا قال الحكماء الشر داخل في القضاء والإرادة بالعرض لا بالذات وبالقصد الثاني لا بالقصد الأول فإن الشر عندهم إما عدم وجود أو عدم كمال الوجود وإنما الداخل في القضاء والإرادة بالقصد الأول هو الوجود وكمال الوجود ثم قد يكون الوجود على كمال أول ومتوجه إلى كمال ثان وقد يكون على كمال مطلق كالعقول المفارقة التي هي تامة كاملة بأعيانها في الخير المحض الذي لا شر فيه وما هو على كمال أول أي هو بالقوة على كمال إلى أن يصير بالفعل على كمال ثان فيقع من مصادمات أحوال السلوك من المبدأ إلى الكمال أحوال هي شرور ومضار كما تقع أحوال هي سرور ومنافع والإرادة الأزلية والعناية الربانية تتعلق بالأمرين والقسمين جميعا ولكن أحد المتعلقين على سبيل التضمن والاستتباع والعرضية ويسمى ذلك مرادا ومقصودا بالقصد الثاني والمتعلق الثاني على سبيل الوضع والأصالة والذاتية فيسمى ذلك مرادا ومقصودا بالقصد الأول هذا كما يعلم أن المقصود الكلي من إنزال المطر من السماء نظام العالم وانتظام الوجود وذلك هو الخير مطلقا ثم إن خرب بذلك بيت عجوز قد أشرف على الانهدام أو ماتت العجوز وقد بلغت إلى شرف الموت كان ذلك شرا بالإضافة لا بالأصالة وبالقصد الثاني لا بالقصد الأول ووجود خير كلي مع شر جزئي أقرب إلى الحكمة من لا وجود له لا يقع الشر الجزئي فإن عدمه مما يورث الفساد في نظام الموجودات فهو أكثر شرا وأشد ضرا.
قالت المعتزلة كل آمر بالشيء فهو مريد له والرب تعالى آمر عباده بالطاعة فهو مريد لها إذ من المستحيل أن يأمر عبده بالطاعة ثم لا يريدها والجمع بين اقتضاء الطاعة وطلبها بالأمر بها وبين كراهية وقوعها جمع بين نقيضين وذلك بمثابة الأمر بالشيء والنهي عنه في حالة واحدة إذ لا فرق بين قول القائل آمرك بكذا وأكره منك فعله وبين قوله آمرك بكذا وأنهاك عنه وإذا وقع الاتفاق بأن الله تعالى آمر عباده بالطاعة وجب أن يكون مريدا لها كارها لضدها من المعصية وإذا كان الآمر بالشيء مريدا له كان الناهي عن الشيء كارها له.
والذي يخص ذلك أن الآمر بالشيء يقتضي من المأمور حصول المأمور به والإرادة تقتضي تخصيص المأمور به بالوجود ومن المحال اقتضا الحصول لشيء واقتضا ضد ذلك منه فلو قلنا أن الباري تعالى آمرا أبا جهل بالإيمان وأراد منه الكفر أدى ذلك إلى اقتضاء الإيمان منه بحكم الآمر واقتضاء الكفر منه بحكم الإرادة وهو محال ويخرج على هذه القاعدة استرواحكم إلى العلم فإنه يجوز أن يأمر بخلاف المعلوم لأن العلم ليس فيه اقتضاء وطلب وإنما هو يتعلق بالمعلوم على ما هو به بخلاف الإرادة فإنها مقتضية فيرد الأمر على خلاف العلم ولا يرد على خلاف الإرادة .
Sayfa 86