قلت فرقت فرقا بين علمه بذاته وبين علمه بالأشياء حتى سميت الأول ذاتيا والثاني علما لزوميا أفتعني بالعلوم اللزومية معلومات له بعلم واحد على طريق اللزوم فذلك صحيح أو تعني بذلك علوما أخر لزومية لعلمه بذاته فما المتصور بتلك العلوم وما محلها وكيف تتعلق هي بالمعلومات وما معنى أنها غير مفصلة للصور والعلم لا يكون قط إلا مفصلا فإنه معنى يتعلق بالمعلوم على ما هو به فهو مفصل بالنسبة إلى معلومه وقولك أنه يعلم ذاته كما هو عليه وهو مبدأ للموجودات فيا عجبا من إطلاق الذات والعلم بالذات والمبدأ للموجودات فإن كانت هذه الثلاثة الاعتبارات عبارة عن معبر واحد حتى يقال ذاته علمه وعلمه هو مبدإيته وكونه مبدأ أمر إضافي فكونه ذاتا وعلما يجب أن يكون أمرا إضافيا وإن كان ثم اعتبار واعتبار حتى يكون من حيث أنه مبدأ إضافيا ومن حيث أنه علم سلبيا ومن حيث أنه ذات لا سلبيا ولا إضافيا فقد تعددت اعتبارات ثلاثة فذاته ثالث ثلاثة ونقول ما المانع من تعلق العلم الأزلي بالمعلومات على نسق واحد حتى لا يكون منه ما هو بالقصد الأول وهو العلم بالملزوم ولا منه ما هو بالقصد الثاني وهو العلم باللازم إن كان العلم والذات لا يتأثر ولا يتكثر باللوازم والسلوب حتى يقال معنى كونه عالما أنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء من غير أن ينسب إليه بعض المعلومات بالذات والبعض بالعرض من غير أن تتغير ذات العالم بالمعلوم كما لم تتكثر ذاته بتكثر اللوازم وأما التمييز في عقولنا إنما هو بحسب إمكان الجهل والغفلة والنسيان وإلا فلو قدرنا علما لم يطر عليه ضده البتة لم يخف عليه شيء البتة ولعلمنا مباد وكمالات فمبادئها النظر والاستدلال والتفكير والتدبير وكماله أنه لا يخفى علينا المنظور فيه وإنما يطلق العلم على الباري تعالى بحسب الكمال لا بحسب المبدأ كما أن مبدأ أفعالنا المعالجة والمزاولة والاكتساب والمجاهدة وكمالها بأن لا يتعذر علينا شيء وتطلق القدرة على الباري تعالى بحسب الكمال لا بحسب المبدأ وكما أن العفو والعطف منا بحسب المبدأ هو انحصار القلب على حال المعطوف عليه وبحسب الكمال هو الإنعام والملاحظة والإكرام والملاطفة فإذا كان هذا معنى الصفات فلا فرق في تلك النسبة وهو أن لا يخفى عليه شيء من الكلي والجزئي والذاتي والعرضي وإذا فرقتم بين قسم وقسم فقد حكمتم بتعدد الاعتبار وتكثر الجهات والآثار ومن قال أن علم المعلول الأول بالأول ولا يكون لازما لعلمه بذاته لأن مبدأ المعلول الأول قبل ذاته فلا يكون العلم بما هو قبل ذاته لازما لعلمه بذاته فيكون علما آخر على حدة يتوجه على مساق كلامه إن كل من علم شيئا من حاجته وافتقاره لا يلزمه العلم بالمحتاج إليه لأن المحتاج إليه قبل ذاته وقبل حاجة ذاته بل إنما يعلمه بعلم آخر وليس الأمر كذلك بل العلم ربما يلزم من العلم ولا يستدعي لزوم العلم من العلم أو بالعلم لزوم المعلول من المعلوم وإنما وقع له هذا الغلط من غلط آخر وهو انه اعتقد أن المعلول الأول لزم وجوده من علم العلة الأولى به وعلمه به لزوم من علم العلة الأولى بذاتها فظن أن كل شيء علم وأنه بذاته لزم من علمه بذاته علم بغيره ولزم من علمه بغيره وجوده وهذا محال على أنه أثبت للمعلول الأول علمين علم بذاته وعلم آخر بعلته فيكون قد صدر من العلة الأولى شيء هو جوهر قائم بنفسه قام به معنيان مختلفان محققان ليس يلزم من أحدهما الثاني فقد خالف بذلك أصله الممهد أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد ولا يغنيه عذره وأن أحد الشيئين له لذاته والثاني من علته فإن علم المعلول بذاته غير وعلمه بالعلة غير وليس أحد العلمين له لذاته والثاني من علته ثم هو يعلم ذاته ويعلم معلوله الثاني فقد تكثرت الذات بعلوم زائدة على الذات على أنه عقل فعال وإنما عقليته لأنه صورة واهبة للصور فلم تتكثر ذاته بتكثر معلوماته من الصور ولا تتغير بتغير لوازمه من الموجودات فهلا كان الأمر في واجب الوجود كذلك.
Sayfa 78