Nihayat al-Zain fi Irshad al-Mubtadi'een

Muhammad Nawawi al-Jawi d. 1316 AH
146

Nihayat al-Zain fi Irshad al-Mubtadi'een

نهاية الزين في إرشاد المبتدئين

Yayıncı

دار الفكر - بيروت

Baskı Numarası

الأولى

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أحضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله وبشروهم بالجنة فإن الحليم من الرجال يتحير عند هذا المصرع وإن الشيطان أقرب ما يكون من ابن آدم عند ذلك المصرع والذي نفسي بيده لمعاينة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف والذي نفسي بيده لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يتألم كل عضو منه على حياله ولا يقول أحد من الحاضرين إلا خيرا فإن الملائكة يؤمنون على ما يقولون

وورد في الخبر أنه إذا دنت منية المؤمن نزل عليه أربعة أملاك ملك يجذب النفس من قدمه اليمنى وملك يجذبها من قدمه اليسرى وملك يجذبها من يده اليمنى وملك يجذبها من يده اليسرى والنفس تنسل انسلال القذاة من السقاء وهم يجذبونها من أطراف البنان ورؤوس الأصابع والكافر تنسل روحه كالسفود من الصوف المبتل

فإذا مات المحتضر غمض ويقول الذي يغمضه بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر له وارحمه وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه

ويشد لحياه بشيء لئلا ينفتح فمه وتلين مفاصله فيرد ساعده إلى عضده وساقه إلى فخذه وفخذه إلى بطنه ثم تمد وتلين أصابعه كذلك لأجل تسهيل غسله وتكفينه فإن في البدن عقب مفارقة الروح حرارة فإذا لينت المفاصل حينئذ لانت وإلا فلا يمكن تليينها بعد وتنزع ثيابه التي مات فيها لأنها تسرع إليه الفساد ثم يغطى بشيء خفيف يجعل طرفاه تحت رأسه ورجليه لئلا ينكشف ويوجه للقبلة مثل المحتضر ويتولى فعل ذلك من يكون له به رفق ويعجل بقضاء دينه إن أمكن وإلا سأل وارثه غرماءه أن يحللوه أو يحتالوا به على الوارث إكراما للميت وتعجيلا لبراءة ذمته ويبادر أيضا بتنفيذ وصيته وبتجهيزه بعد تيقن موته بظهور شيء من علامات الموت كاسترخاء قدمه وميل أنفه وانخساف صدغه فإن شك في موته وجب تأخيره إلى اليقين بتغير الرائحة أو غيره

واعلم أن المؤمن ينكشف له عقب الموت من إنعام الله ما تكون الدنيا بالإضافة إليه كالسجن والمضيق ويكون مثاله كالمحبوس في بيت مظلم فتح له باب إلى بستان واسع الأكناف فيه أنواع الأشجار والأزهار والثمار والطيور فلا يشتهي العود إلى السجن المظلم وقد ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا فقال في رجل قد مات أصبح هذا مرتحلا عن الدنيا وتركها لأهلها فإن كان قد رضي فلا يسره أن يرجع إلى الدنيا كما لا يسر أحدكم أن يرجع إلى بطن أمه وقال صلى الله عليه وسلم إن مثل المؤمن في الدنيا كمثل الجنين في بطن أمه إذا خرج من بطنها بكى على مخرجه حتى إذا رأى الضوء لم يحب أن يرجع إلى مكانه وكذلك المؤمن يجزع عند الموت فإذا أفضى إلى ربه لم يحب أن يرجع إلى الدنيا كما لا يحب الجنين أن يرجع إلى بطن أمه

هذا في المؤمن المعرض عن الدنيا المقبل على الآخرة وأما المتنعم بالدنيا المطمئن إليها المعرض عن الآخرة فيكون حاله كحال من تنعم في غيبة ملك من الملوك في داره وملكه وحريمه اعتمادا على أن الملك

Sayfa 148