Nietzsche: Çok Kısa Bir Giriş
نيتشه: مقدمة قصيرة جدا
Türler
بصدق أنصحكم: انصرفوا عني واحترسوا من زرادشت! بل وأفضل من ذلك: اخجلوا منه! فلعله قد خدعكم ... إنها لمكافأة رديئة للمعلم أن يظل المرء على الدوام مجرد تلميذ. فلم لا تريدون تمزيق إكليلي؟ ... تقولون إنكم تؤمنون بزرادشت؟ لكن ما أهمية زرادشت؟ وإنكم تؤمنون بي، لكن ما أهمية كل المؤمنين؟ أنتم لم تبحثوا بعد عن أنفسكم: هكذا وجدتموني. هكذا يفعل كل المؤمنين، ولذلك ليس الإيمان بشيء ذي بال.
إنها فقرة قوية، ولكن على الرغم من كل الحكمة التي تسترعي التأمل فيها، فإنه لمن الغريب أن تصدر عن نبي؛ لأن الأنبياء لا يجادلون، وإنما ينبئون. وهكذا فبأي الطرق يستطيع المريدون اكتشاف ما هو حق وما هو باطل في تعاليم زرادشت؟ إن رفضه قبول المبايعة وتقديم فروض الولاء والطاعة - ذلك الرفض الذي لا تبرره المؤشرات المنفصلة للحق - هو أمر يثير الإعجاب، ومن الواضح أنه يهدف إلى أن يكون جزءا من معركة نيتشه الدائرة مع المسيح. ولكنه يتركنا متحيرين حيال كيفية التأقلم مع تعاليم زرادشت، فبما أننا فاسدون، فإننا لسنا في موضع يسمح لنا بالنقد.
مشكلة أن نبيا يشكك في نفسه، وينصح باتخاذ الحذر حيال كل ما يقوله، كبيرة للغاية؛ فنحن بصدد اجتماع أمرين متناقضين متجسدين. لكن المخاطر الناجمة عن كونه نبيا، والتي لم يكن زرادشت أول من ينبهنا إليها، تضخم فقط مشكلة كيفية التعامل مع فنان فيلسوف، والذي يبدو محل اشتباه على نحو متزايد. كل ما يمكننا عمله في ظل هذه الظروف المشئومة أن نحاول مشاركة رؤى زرادشت، وأن نلاحظ إلى أي مدى تسيطر على مخيلاتنا، شريطة أن نتذكر دائما أنها فاسدة. ولكن لو اتضح بعد ذلك أن الرؤية نفسها غامضة ومبهمة، فسيكون علينا أن نفعل ما أنا مقتنع في نهاية المطاف بأنه الشيء الوحيد الذي يمكن للمرء أن يفعله بهذا الكتاب، وهو أن يتذوقه بأسلوب عبثي مراوغ.
يحتوي الكتاب على أمور ممتعة بما يكفي، على الرغم من جميع التحذيرات التي أقحمتها على نحو محبط، لأجعل قراءته تجربة لا تنسى. وهو يبدأ بداية مثيرة للإعجاب، بنزول زرادشت عن جبله، وكتابة ما يمكن وصفه بأنه طقوس نزوله عن الجبل بإلهام صادق. ولكن سرعان ما ينتقل زرادشت إلى موضوعه المحوري: «اسمعوا! لقد أتيتكم بنبأ الإنسان الأسمى. إنه معنى هذه الأرض. فلتتجه إرادتكم إلى جعل الإنسان الأسمى معنى لهذه الأرض. أتوسل إليكم أيها الإخوة بأن تحتفظوا للأرض بإخلاصكم، فلا تصدقوا من يمنونكم بآمال تتعالى فوقها» («هكذا تحدث زرادشت»، الجزء الأول، المقدمة، 3). يقدم هذا الاقتباس أول مفهوم من المفاهيم الثلاثة الرئيسية لدى زرادشت. ووصيته لهم بأن يحتفظوا للأرض بإخلاصهم هي أحد موضوعات نيتشه العظيمة المتكررة، والتي أشعر نحوها بكثير من التعاطف. ولكن ما ننتظره الآن هو بعض التنوير حول كيفية جعل الإنسان الأسمى معنى لهذه الأرض، والخطوات التي يجب أن نتخذها لنضمن وصوله، والشكل الذي سيكون عليه عندما يصل. لكننا للأسف لا نحصل إلا على معلومات قليلة حول أي من هذه الأمور. ثمة سوء فهم بسيط يمكن توضيحه سريعا، مثل أن الإنسان الأسمى سيصبح ظاهرة ارتقائية. وما من داع للتفكير بأنه لن يكون في هيئة إنسان، ولكن هذا ليس واضحا بالقدر الكافي. ويبدو أنه يعرف عموما من خلال إعلان زرادشت الثاني المتعلق بالتكرار الأبدي: الإنسان الأسمى هو الكائن الذي يستطيع بابتهاج أن يعتنق هذه العقيدة؛ لأن هذا هو حال العقيدة أو المبدأ. وثالث تعاليم زرادشت هي «إرادة القوة»، أو «الحقيقة الجوهرية للوجود». ومرة أخرى، يتجسد الإنسان الأسمى في أنقى صوره وأكثرها إثارة للإعجاب؛ بأنه متغلب على ذاته، مهما كان مؤدى ذلك.
تتضح إحدى النتائج المترتبة على ذلك خلال مسيرة زرادشت. ومما قد تجدر الإشارة إليه أن زرادشت هو بشير الإنسان الأسمى، ولكنه هو نفسه ليس كذلك. ومع هذا، فإنهما يشتركان في بعض الخصال، ويبدو أن أفضل فهم يمكن أن نتوصل إليه غالبا بخصوص الإنسان الأسمى هو أنه صورة مفخمة من زرادشت.
في الجزء الرابع، على سبيل المثال، عندما يخبر العراف زرادشت بخطيئته الأخيرة، يتضح أنها شفقته على الإنسان. وسيفهم المرء أن الإنسان الأسمى سيدرك دون إغواء أن هذه هي الفتنة الأخيرة. وسيكون قادرا على قبول معاناة الإنسان، لكن لن يدفعه هذا إلى المعاناة، ولو شعر بها، فإلى أية درجة؟ لقد امتلأنا بالمعاناة من منطلق أنها العنصر الأصعب في استئصاله من الوجود، وهي بالفعل كذلك بالنسبة إلينا، وننظر إليها باعتبار أنها أعمق حالة موجودة. وبما أن السعادة دائما سريعة الزوال، فإننا نعتبرها سطحية أيضا، أو نعتبر أنها الإغواء. والسعادة الوحيدة الأبدية التي سمعنا عنها هي السعادة الموجودة في العالم الآخر، الذي لم نصل إليه بعد. ولأسباب بيولوجية مفهومة، فإننا نعتبر السعادة، أو المتعة، نهاية لعملية ما، ومن ثم تكون السعادة في غير موضعها بمجرد أن تبدأ العملية التالية، أو المرحلة التالية من نفس العملية. وإلى هذه الدرجة نعتبر جميعا صورة معدلة من شوبنهاور ، بما أن شوبنهاور تبنى الاتجاه المتطرف بأن المتعة «ليست» إلا توقفا مؤقتا للألم. وبحلول هذه المرحلة في حياة نيتشه المهنية، كان معارضا تماما لشوبنهاور، الذي كان - إلى جانب معبوده السابق فاجنر - أحد الشخصيات السخيفة إلى حد ما التي تنكرت على نحو سهل اكتشافه في «هكذا تحدث زرادشت». إنها تعاليم زرادشت - وهل يريد من مريديه أن يعارضوه؟ - التي تقول بأن السعادة أعمق من المعاناة، مثلما نعرف في فصل من الجزء الرابع بعنوان «نشيد الثمل» (هذا، بأي حال من الأحوال، ما يظهر في الترجمة الإنجليزية
The Drunken Song ، أما العنوان الألماني في الطبعة النقدية الجديدة فهو
Das Nachtwandlers-Lied ، أو «نشيد السائر أثناء النوم»):
إن العالم عميق،
فهو أعمق مما كان يظن النهار. وآلامه عميقة،
Bilinmeyen sayfa