Nietzsche: Çok Kısa Bir Giriş
نيتشه: مقدمة قصيرة جدا
Türler
الضرورة الوحيدة
تشكل الكتب الأربعة الأولى في «العلم المرح» مسارا صاعدا للعبقرية والذكاء. يبدأ الكتاب الرابع بقرار ثوري من نوعية قرارات العام الجديد، والذي كان مصيره كمصير سابقته دائما، ولكنه مع هذا يمثل بداية موجة الإقرار التي قادت نيتشه إلى «هكذا تحدث زرادشت»:
أريد أن أتعلم أكثر فأكثر أن أرى الضرورة في الأشياء على أنها الجمال في حد ذاته، وهكذا أكون واحدا ممن يجملون الأشياء. ليكن حبي منذ الآن: «حب القدر»
Amor Fati ! لا أريد أن أخوض حربا ضد القبح. لن ألقي التهم إطلاقا، ولن أتهم حتى المتهمين. ليكن إنكاري الوحيد: صرف النظر. وبوجه عام: أريد، ابتداء من اليوم، ألا أكون إطلاقا سوى إقرار تام. «العلم المرح»، 276
تستمر هذه الفقرة المشحونة بالمشاعر على نحو يمكن أن يأسر لب المرء، وربما سيكون من المجحف النظر إليها عن قرب. وفكرة أن نيتشه - الخبير التشخيصي العريق - لا يمكنه أبدا أن يغض بصره، وأننا كنا سنخسر الكثير من كتاباته القيمة لو فعل ذلك؛ تلطف حدة التهمة بأنه لم يصبح قط ممن يقرون الأمور ويؤيدونها على علاتها، وتلطف حقيقة أن ثلاثة من أواخر كتبه الخمسة تتسم بالهجومية، اثنان منها يهاجمان فاجنر والثالث يهاجم المسيح، والكتاب الإقراري الوحيد كان عن نفسه.
حتى ذلك الوقت، على الأقل، يظل مزاجه في هذه الحالة المشحونة. ثم نصل، في الجزء 290، إلى نقطة يقدم فيها لأول مرة بعض التلميحات الصريحة عن طبيعة الأشخاص الذين يأمل أن يحلوا محل البشر الضئيلين في المرحلة الأخيرة من المسيحية وما بعدها: «الشيء الوحيد الضروري» أن «نضفي طابعا من الإبداع الفني» على طبعنا، هذا فن عظيم ونادر! فن يمارسه من يعانق كل ما يمنحه طبعه من قوة ومن ضعف، ويدمجه بعد ذلك في مشروع عمل فني يبدو معه كل عنصر مثل قطعة فنية وذهنية، ويكون حتى للضعف فضيلة استهواء النظر. هنا يزيد كم الطبيعة المكتسبة، في حين ينقص جزء من الطبيعة الفطرية - وفي الحالتين يتم ذلك من خلال الممارسة الصبورة والجهد اليومي. في هذا الموضع سترنا قبحا لم نستطع اقتلاعه، وفي الموضع الآخر تحول إلى جمال رفيع. كثير من الأشياء المبهمة والعصية على التشكيل استبقيت واستغلت من أجل تأثيرات المنظور، وظيفتها هي إبراز الأبعاد والفضاءات التي لا نهاية لها. وفي نهاية المطاف، حين يكتمل العمل، يتضح أن إكراه ذوق وحيد بعينه هو الذي كان سائدا في الأشياء الصغيرة والكبيرة ويهيئها، وسواء أكان هذا الذوق سليما أم غير سليم لا يهم بالقدر الذي كنا نظنه، وإنما يكفي أن يكون هناك ذوق! «العلم المرح»، 290
هذه القطعة ليست الجزء كله، ولكنها تكفي لنواصل بها حديثنا.
كانت فكرة أننا قد نصبح «مبتكري حياة» محل نقاش في «مولد المأساة»، ولكنها في سياق مختلف تجعل فكرة الاستمرارية خادعة. ما يدافع عنه نيتشه في «العلم المرح» هو الفردية المفرطة، في إطار لا يؤدي إلى المذهب الذري الذي نادرا ما يكون واضحا والذي مفاده أن الواقع يتألف من جزئيات أو كيانات منفصلة لا تنقسم، وقد تكون هذه مادية أو روحية. وعندما تكون هذه الجزئيات مادية، تعد في العادة دقيقة إلى أبعد حد، لا متناهية في العدد. ولكن ما إن نعجب برؤيته، حتى نبدأ في التساؤل أيضا. بالنسبة إلى القياس التشبيهي مع الفن، أو فن هندسة المناظر الطبيعية للحدائق، الذي يشار إليه هنا، فإنه بكل وضوح قياس تشبيهي لا يمكن تناوله تناولا مباشرا، فالإنسان لا يعيش إلا مرة واحدة. (سوف أناقش لاحقا التكرار الأبدي، الذي لن يساعدنا هنا على أية حال؛ حيث إن الأخطاء التي نرتكبها كانت، وستظل، تتكرر إلى أبد الآبدين.) ولكن الفنان يستطيع أن يتعامل مع أعماله إلى أجل غير مسمى، فيما عدا استثناءات نادرة، إلى أن يشعر أنه أجاد الأمر قدر استطاعته. وما يقترحه نيتشه هو أن نجري تحليلا دقيقا لشخصيتنا، ونقيمها، على الرغم من أننا لا نعلم حتى هذه المرحلة معايير التقييم - ما الذي يحسب كموطن قوة وما الذي يحسب كنقطة ضعف - ثم نضفي عليها تلك الوحدة التي تسمى الأسلوب. إن دمج عناصر تكويننا في «عمل فني» يقدم بالأحرى إيحاء بأننا أقل عرضة للظروف الخارجية التي يمكن أن تحدث لأي إنسان باستثناء الزاهد الناسك.
على الرغم من هذه الشكوك الأولية، ثمة شيء لافت في تلميح نيتشه. فهو يمهد الطريق لشكل جديد من الكلاسيكية، حيث «ستكون الطبائع الأقوى والأكثر هيمنة هي التي تتمتع بالسعادة السامية وسط هذه القيود والمثالية تحت مظلة قانون خاص بها»، على عكس «الشخصيات الضعيفة التي لا سلطة لها على أنفسها والتي تكره قيود الأسلوب» (أي الرومانسيين). وعلى الرغم من أن نيتشه يبالغ في عرض فكرة الأسلوب الفردي، فمن الواضح أنه يدعو إلى مفهوم الأسلوب الذي يوجد بمعزل عن الفرد. إذ إنه لو لم توجد معايير خارجية، فسيكون لكل شخص أسلوبه الخاص ما دام مميزا عن الآخرين. ويكفي الاستخدام المجرد لمفهوم الأسلوب ليجعلنا نفكر في أطر محددة يعمل في ظلها الأفراد، ويحققون الفردية بفضل الدعم الذي يقدمه هذا الإطار. ولعل أوضح مثال على هذا هو الأسلوب الكلاسيكي في الموسيقى، مثلما يظهر بداية من هايدن وصولا إلى موتسارت وبيتهوفن، منتهيا عند نقطة ما غير محددة. كانت قيود ذلك الأسلوب صارمة، ولكن لا يمكن للمرء أن يتخيل أن أحدا من هؤلاء الملحنين الثلاثة يمكن أن يحقق النجاح دونها. لقد نجحوا في إثبات وجودهم؛ لأن عناصر كثيرة قد توافرت لهم بالفعل. ويمكننا أن نرصد أبرز إنجازات هذا الأسلوب الكلاسيكي في الموسيقى في ظل هذا الصراع بين الأسلوب الذي كان متاحا لأي شخص في ذلك الوقت - والذي يمكننا أن نراه يعمل على نحو مرض تماما دون إنتاج أعمال عبقرية على يد هامل، مثلا، الذي يدين بنجاحه كله للأسلوب الذي كان متاحا له - وبين مجموعة السمات الفردية المحددة بدقة لدى أساتذة هذا الأسلوب العظماء.
لكن المساق الكامل لتحليل نيتشه للثقافة يستمر، كان هذا حسب معايير ذلك الوقت، أما الآن فالوضع مختلف بعض الشيء. لم يعد يوجد أسلوب مشترك يمكن العمل به في ظل الصراع الخلاق؛ لذلك علينا أن نجد أسلوبنا الخاص. من الواضح في مثل هذه الظروف أن مجرد فكرة الأسلوب مسهبة إلى أقصى درجة. وحقيقة أنه يقول: «سواء أكان هذا الذوق سليما أم غير سليم لا يهم بالقدر الذي كنا نظنه، إنما يكفي أن يكون هناك ذوق!» توحي بأن المعايير التي يستخدمها هنا ليست فقط جمالية، ولكنها شكلية أيضا. تحتل طبيعة العناصر المرتبة الثانية مقارنة بتشكيلها. وقد يجعلنا هذا نتساءل، مجددا، إذا كان ما تتكون منه العناصر مهما في الأساس، وبالتأكيد ظن نيتشه أن هذا مهم. ففي نهاية الجزء كتب يقول: «يلزم شيء وحيد؛ أن يتوصل المرء إلى أن يكون راضيا عن نفسه، سواء أكان بالنوع كذا أم بالنوع كذا من الفن أو من الشعر، عندئذ يبدو الإنسان بمظهر محتمل.» ولكن بلوغ الرضا عن النفس يمكن أن يكون في أحسن الحالات شرطا ضروريا. وثمة أشخاص كثر بلغوا الرضا وظلوا دون مظهر محتمل؛ بل ولهذا السبب تحديدا.
Bilinmeyen sayfa