Bilgi Teorisi ve İnsanın Doğal Duruşu
نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
Türler
18
ومرة أخرى، يستخدم كانت كلمة «نحن» دون تحديد لمعناها بأي قدر من الدقة، ويتحدث عن «المظاهر» التي «نبعث فيها» النظام والترتيب، وكأن هذه عملية ترتيب واعية نقوم بها على مادة لم يكن لها في الأصل مثل هذا الترتيب، وكما كانت الطبيعة في نظر باركلي تعبيرا عن الإرادة الإلهية، فإنها في نظر كانت تعبير عن ذلك النوع الخاص من التنظيم الذي يبعثه الذهن الإنساني في الظواهر، وهي في الحالتين غير تلك «الطبيعة» التي نعرفها في موقفنا الطبيعي، والتي لا يكون الإنسان إلا جزءا منها، ولا يكون للذهن دور إلا في فهم قوانينها لا في خلقها.
وإذن، فمن الواضح أن كانت - في قوله بتحكم الذات (بما فيها من صور للحساسية وصور أو مقولات للذهن) في تشكيل الموضوع وجعله «ظاهرة» بالنسبة إلينا - كان مثاليا بالمعنى الصحيح، ولكن من الواضح - من جهة أخرى - أن كانت لم يعترف بهذه المثالية، أو على الأقل حاول تخفيفها بأن أسماها بالمثالية الترنسندنتالية أو المثالية «الاحتمالية»، التي تختلف - في نظره - عن المثالية التوكيدية أو المادية وتقل عنها حدة بكثير، ومهمتنا الآن هي أن نناقش هذه الدعوى التي قال بها كانت، ونجيب على السؤال الآتي: هل تختلف مثالية كانت عن أي مذهب مثالي آخر في خروجها على الموقف الطبيعي أو رفضها له؟
يعرف كانت المثالية الترنسندنتالية بأنها «المذهب القائل أن المظاهر كلها لا ينبغي أن ينظر إليها إلا على أنها تمثلات، لا أشياء في ذاتها، وأن المكان والزمان ليسا إلا الصور الحسية للحدس، لا تحديدات معطاة بوصفها موجودة بذاتها، ولا شروطا للموضوعات منظورا إليها على أنها أشياء في ذاتها.»
19
ووجه التفرقة بين المذهب المثالي التوكيدي ومثالية كانت الترنسندنتالية هو أن القائل بهذا المذهب الأخير قد يكون أيضا من القائلين ب «الثنائية»، أي من المعترفين بوجود «مادة» خارجية، ولكنه يظل على الدوام غير موقن بطبيعة هذه المادة من حيث هي «شيء في ذاته»، مؤكدا أن ما نعرفه منها هو ما تضفيه عليها الذات من صور الحساسية والمقولات، أي إنها تعرف بوصفها «ظاهرة» فحسب، وسبب الاقتصار على فكرة الظاهرة هذه - كما يشرحه كانت - هو أنني لا أعرف مباشرة إلا إدراكات، وهي مقدمة كان تأثير هيوم وباركلي فيها واضحا كل الوضوح، وتتعرض لجميع الانتقادات التي سبق أن وجهناها إلى هذين الفيلسوفين، فإذا حاولت أن أستدل من هذه الإدراكات على «سببها»، فلن أستطيع الوصول أبدا إلى أي يقين؛ لأن مثل هذا المعلول قد يكون له أكثر من علة، أي قد تكون علته جسما خارجيا أو ذات داخلية، وهكذا أظل على الدوام غير متأكد إن كان «ما يسمى بالإدراكات الخارجية مجرد ناتج عن الحس الباطن أم أن علاقتها بالموضوعات الخارجية الفعلية هي علاقة علة بمعلول.»
20
ولهذا كان يتحتم علي أن أكتفي بما هو مؤكد، أي بإدراكاتي وقوالبي الذاتية التي تنظمها، وأن أسمي الأشياء الخارجية ظواهر أو تمثلات تنتمي إلى الحس الخارجي، أما أصل هذه التمثلات فلا يمكن معرفته إلا باستدلال يظل دائما غير مؤكد، وإن كان من واجبي دائما ألا أستبعد كون هذا الأصل «شيئا في ذاته»، لا أعرف عنه شيئا.
ويزيد كانت فكرته هذه إيضاحا في «المدخل إلى كل ميتافيزيقا»، فيفرق بين مذهبه وبين المثالية على أساس أن الأخيرة تقول بأنه لا وجود إلا للموجودات المفكرية، وأنه لا شيء في الخارج يطابق ما نعتقد أنه موجودات خارجية: «أما أنا فأقول بعكس ذلك: فهناك أشياء معطاة لنا، هي موضوعات لحواسنا وخارجة عنا، غير أننا لا نعلم شيئا عما يمكن أن تكونه في ذاتها، ولا نعلم منها إلا الظواهر، أي التمثلات التي تنتجها فينا بتأثيرها في حواسنا، فأنا إذن أعترف بأن خارجنا أجساما - أي أشياء - هي بالفعل مجهولة لدينا تماما من حيث ما قد تكونه في ذاتها، ولكنا نعرفها بالتمثلات التي تتكون لدينا نتيجة لتأثيرها في حساسيتنا، وهي أشياء نسميها بالأجسام، وهي تسمية لا نعني بها إلا أنها ظاهرة لذلك الموضوع الذي هو مجهول لدينا، ولكنه مع ذلك حقيقي، أو يمكن تسمية هذا المذهب بالمثالية؟ إنه في الحق عكسها.»
21
Bilinmeyen sayfa