Bilgi Teorisi ve İnsanın Doğal Duruşu
نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
Türler
في كتابه عن «لوك» من أن روبرت بويل كان أول من وضع تفرقة حاسمة بين الكيفيات الأولى والثانية، وأكد أن الثانية ترتد إلى الذات،
16
فليس من قبيل المصادفة أن تظهر فكرة الذاتية هذه على يد عالم معروف؛ إذ إنها - كما قلنا - ترجع إلى بلوغ العلم مرحلة معينة، وإلى تحمس أصحاب الاتجاهات المثالية بين الفلاسفة لهذه الكشوف إلى الحد الذي أدى إلى خلطهم بين مجالي الموقف العلمي والموقف المعتاد، ولنذكر دائما أنه مهما كانت كشوف العلم في هذا الميدان، فستظل النظرة المعتادة صحيحة في ميدانها، ولو قال شخص: «إن هذه الورقة ليست في حقيقتها ملساء؛ لأنها تبدو تحت المجهر أشبه بالجبال والسهول.» لكنا أسرع إلى إدراك المغالطة في رأيه هذا، وإلى تبين ما ينطوي عليه من خلط بين موقفين مختلفين، غير أن هذا القول لا يختلف في شيء عن الرأي المثالي القائل إن الحائط في حقيقته ليس أبيض، سوى أن الخلط أقل وضوحا في الحالة الثانية. (2)
فإذا حللنا فكرة «وجود الشيء هو كونه مدركا» من الوجهة المنطقية للاحظنا على الفور أن أحد طرفيها - وهو «وجود الشيء» - هو الذي يتركز عليه الاهتمام، فالفكرة في الواقع محاولة لتعريف كلمة «وجود الشيء»، ولكن باركلي - وكذلك من سار في طريقه من الفلاسفة - لم يهتم كثيرا بتحليل الطرف الثاني، وهو كلمة «كون الشيء مدركا»، وعلينا دائما أن نلح في طلب تعريف ل «كون الشيء مدركا»، وأن نتساءل: متى يكون الشيء مدركا؟ إن الشيء لا يكون مدركا «كلما أردنا ذلك»، وفي هذا المعنى المرفوض وحده تكون الذاتية التامة صحيحة، وإنما يكون الشيء مدركا تحت شروط معينة لا بد من توافرها وإلا لما تسنى لنا إدراكه، فباركلي يؤكد أن المنضدة الموجودة في حجرة مغلقة لا وجود لها بالنسبة إلي إلا إذا أدركتها، ولكن ينبغي تكملة هذا التدليل بالقول: إنني لا أدركها إلا إذا انتقلت إلى الحجرة ذاتها، أي إن هناك شروطا معينة يخضع لها إمكان إدراك الشيء، وهي شروط لا أستطيع التحكم فيها ذاتيا، بل ينبغي أن أقبلها كلها كما هي؛ لأنها غير متوقفة على إرادتي، وهكذا يبدو أنه إذا كانت فكرة الوجود
esse
تحيلنا إلى فكرة الإدراك
percipi ، فإن فكرة الإدراك - بما تفترضه من شروط غير متوقفة على الذات - تحيلنا ثانية إلى فكرة الوجود. (3)
أما من الناحية العملية - وهي أساسية في موقفنا الطبيعي - فإن فكرة «وجود الشيء هو كونه مدركا» تؤدي إلى العجز التام عن التصرف في هذا الميدان، فجميع مواقفنا العلمية مبنية على عكسها، ومجرد استخدامنا لملكات التذكر والتوقع والتخيل يعني أننا نخالف هذه الفكرة ولا نقول بوجود هوية بين وجود الشيء وكونه مدركا، فإذا لم يكن في إمكاننا القول بوجود الأشياء «دون» كونها مدركة لاستحال حديثنا عما يجري في بلد آخر، أو في الشارع المجاور، أو ما سيقع إذا حدث كذا ... ولما أمكننا أن نتقدم عمليا خطوة واحدة.
17
ونستطيع أن نقول : إن التقدم الأكبر الذي يتميز به الإنسان عن الحيوان يتمثل في تجاوز فكرة «وجود الشيء هو كونه مدركا»، فالحيوان - على الأرجح - هو الكائن الذي يؤمن بهذه الفكرة ويطبقها بحذافيرها؛ لأنه لا يعرف كيف يتذكر أو يتوقع بوضوح، وكيف يربط الماضي بالحاضر، ولأن كل ما يمر به جديد منفصل مفكك، ولم يستطع الإنسان أن يعلو على مرحلة الحيوانية هذه إلا لأنه عرف كيف يتخلص من هذه الفكرة، ويؤمن بوجود الأشياء من غير أن تكون مدركة، أي أن يتجاوز هذا «الموجود لأنه مدرك». (3) الأشياء بوصفها «ظواهر»
Bilinmeyen sayfa