Bilgi Teorisi ve İnsanın Doğal Duruşu
نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
Türler
وثانيا:
أنه إذا كانت العلاقة بين الحواس والذهن متداخلة إلى هذا الحد، فإن انتقاد الحواس يوازيه انتقاد مماثل ينبغي توجيهه إلى الذهن نفسه، فمن الممكن الإتيان بأمثلة عديدة لحالات يكون الخطأ فيها راجعا إلى تسرع الذهن أو عدم دقته في الحكم على ما تنقله إليه الحواس، فلنفرض شخصا يسير في الظلام في حالة خوف من الأشباح، مثل هذا الشخص سيحكم على أي خيال يظهر له فجأة بأنه شبح، وليس الخطأ هنا خطأ الحواس؛ إذ إنه في واقع الأمر لا يعطيها الفرصة الكافية لإدراك كنه هذا الخيال، بل قد يفر على التو؛ نتيجة للحكم المتسرع الذي أصدره ذهنه.
والخلاصة هي أن التفكير المثالي - الذي يجعل من انتقاد الحواس نقطة البداية في الخروج عن الموقف الطبيعي - يرتكب في هذا الانتقاد الأخطاء الآتية: (أ)
أنه ينظر إلى الحواس - في كثير من الأحيان - في حالة الشذوذ لا في حالتها السوية. (ب )
أنه ينظر إليها منفصلة بعضها عن البعض، ويغفل الدور الأساسي الذي يؤديه التكامل بين الحواس على المستوى الفردي والمشترك بين الأفراد. (ج)
أنه يغفل الدلالة الحقيقية لفكرة التداخل بين دور الحواس والذهن، وهي اشتراكهما معا في المسئولية عن الإدراك المصيب والمخطئ في آن واحد، على حين تتصور المثالية أن الخطأ يقتصر على الطرف الحسي وحده. (2) صفات الأشياء موضوعية أم ذاتية؟
بعد أن يشكك التفكير المثالي في الحواس، تكون الخطوة الطبيعية التالية هي التشكيك فيما تنقله إلينا الحواس، أعني أنه إذا كانت الحواس ذاتها موضوعا للشك، فمن الطبيعي أن يثار السؤال عن كون الموضوعات المحسوسة موضوعية أم ذاتية، وإذا حاولنا أن نحدد بدقة المعنى الحقيقي للجدل الذي أثارته نظرية المعرفة التقليدية حول هذه المسألة لما وجدنا سوى المعنى التالي: هل هناك اتفاق بين اعتقادنا «العملي» بوجود أشياء خارجية، وبين الطريقة «الحقيقية» التي تؤدي بها الحواس وظيفتها؟ وتجيب المثالية على هذا السؤال بالنفي البات: فالطريقة الحقيقية التي تؤدي بها الحواس وظيفتها لا تتفق على الإطلاق مع اعتقادنا العملي هذا، وإنما يدلنا التحليل الدقيق لعمل الحواس على أن كل ما نظنه موضوعيا هو في واقع الأمر «ذاتي» بمعنى ما.
ولقد اتضحت معالم الطريق الذي ينبغي أن يسير فيه المثالي منذ اللحظة التي أوضح فيها ديكارت فكرته عن التفرقة بين نوعين من الكيفيات في الأشياء: أحدهما صادر عن الذات والآخر مستقل عنها، فهنا ظهرت أول محاولة جدية - تنتمي إلى ميدان نظرية المعرفة على التخصيص - لرد «بعض» الصفات التي نظنها منتمية إلى الأشياء نفسها إلى الذات، ومن الطبيعي أن يكون التطور المنطقي للمذهب بعد ذلك هو زيادة عدد تلك الصفات التي ترد إلى الذات بالتدريج، حتى تصبح كلها ذاتية في آخر الأمر.
ففي كتابات ديكارت، ولا سيما مبادئ الفلسفة،
9
Bilinmeyen sayfa