أكثر مما يستحي من الله، ومن الناس أن يهجموا منه على أرذل الرذائل، وأكبر الكبائر، وحتى أصبح تاريخ المشرق وتاريخ علمائه وأدبائه، وفلاسفته وشعرائه صورة من أقبح الصور، وأسمجها في نظر كثير من الشرقيين الذي أصبحوا يفخرون بجهل تاريخهم إن جهلوه، ويراؤون بجهله إن علموه، وحتى قدر ذلك الغلام الرومي خادم الحان أو القهوة منفردًا على مالم تقدر عليه الأمة جميعها مجتمعة، فحملها على النزول إليه لتحدثه بلغته، قبل أن تحمله على الصعود إليها ليحدثها بلغتها، وهو إلى أن يترضاها ويستدنيها أحوج منها إلى أن تزدلف إليه، وتنزل على حكمه.
فذلك ما تراه في رسائل النظرات منتثرًا ههنا وههنا قد شعر به قلبي، ففاض به قلمي من حيث لا أكذب الناس عن نفسي، ولا أكذب نفسي عنها، ولو كان بي أن أكذبهم لكذبتهم فيما يرضيهم، وما أعلم أني أتحظاهم به، وأنال به الأثرة الخالدة في نفوسهم، ولو أردت ذلك منهم لما كان بيني وبين خاصتهم إن أردت الخاصة إلا ثلاث كلمات، السخرية بالأديان، واحتقار تاريخ المشرق، والقول بتبرج المرأة وسفورها، ولا كان بيني وبين عامتهم إن أردت العامة إلا ثلاثا أخرى، سب الكفار، وعبادة الأضرحة، والجمود على كل قديم.
1 / 31