فقال له حافظ: إن البكوية سهلة المنال، وإذا شئت أمطرتك تلغرافات التهنئة بالرتبة الثانية غدا، وهرع آل بلدك إلى رفع مراسيم التبريك إليك، ولكن على شريطة أن تنقدني مائة جنيه مصري متى تم ذلك.
فأقسم له الوجيه على أن يعطيه هذا المبلغ إذا جعل الناس كلهم يعلمون أنه بك، وأنه قد أنعم عليه بالرتبة الثانية، فسر حافظ بهذا القسم وخرج من عند ذلك الوجيه على أن يعود إليه مساء غد.
وفي الصباح أسرع إلى إدارات بعض الجرائد اليومية ونشر فيها خبرا مأجورا مؤداه أن قد ورد في صحف الأستانة العلية إنعام الجناب العالي بالرتبة الثانية على صاحب العزة المفضال فلان بك من عيون المركز الفلاني، ثم أرسل عدة أعداد من الجرائد التي نشرت هذا الخبر إلى بلد ذلك الوجيه ليكونوا على علم من الأمر.
وقبل أن يجتمع حافظ بالبك الجديد كان كثيرون من عارفيه الذين شاهدوه بعد مطالعة الصحف قد هنئوه وطلبوا له مزيد التعطفات السامية، فلما شاهد حافظا عانقه من فرحه ومنحه المائة جنيه رزقا حلالا.
ولا تسل عن الاحتفال الباهر الذي قوبل به سعادة البك المشار إليه في بلدته عند وصوله إليها، وهو لا ريب لا يزال يدعى «بك» إذا كان لم يزل حتى الآن على قيد الحياة.
ومن هاتين النادرتين الصغيرتين يرى القارئون الكرام أن الذكي إذا صرف ذكاءه إلى جر المال من أي طريق كان لم يعدم ذريعة ينال بها غرضه.
وأظن أن حضرة الفاضل كامل أفندي دياب مراسل المؤيد التجاري على علم من هذه الحكاية الغريبة، ولكنه على ما أظن يرويها محرفة بعض التحريف الذي لا يخل بجوهرها.
كيف غدا حافظ من ذوي الأملاك
اشتغال حافظ بالسمسرة - بيعه منزلا لا يمتلكه. ***
بين المهن التي زاولها حافظ أثناء جهاده في معترك هذه الحياة مهنة السمسرة، يوم كان كل واحد من الناس سمسارا حتى غدا السماسرة أكثر عددا من الذين يبيعون ويشترون.
Bilinmeyen sayfa