وإنني لأرجوك ألا تبوح بكلمة واحدة مما قلته الآن لك لأحد ما، ولو كان ابنك أو أباك، وإلا فسد الأمر، خصوصا وأنك قد حلفت بالحرام.
غ :
ما يكون لك فكر، مع السلامة، أنا بانتظار حضرتك. (ثم صافحا بعضهما، وابتعد تلميذ حافظ مسرعا إليه.)
اجتمع نابغة المحتالين برسوله، فأوقفه هذا الأخير على كل ما جرى بينه وبين ذلك الغني من الحديث، فسر حافظ من نباهته كثيرا وأثنى على ذكائه ثناء جميلا، ثم أخذه وذهب به إلى فندق شبرد المعروف، واستأجر هناك ثلاث غرف محاذية لبعضها بعضا، وأوقف تلميذه على ما يجب أن يفعله بعد أن أوصاه بالانتباه والحذر.
ومن ثم قصد إلى أعوانه وأمرهم بالحضور إليه في الفندق عند الساعة الثالثة تماما ليكونوا على استعداد لمقابلة ذلك الوجيه الريفي.
أما هو فذهب إلى أحد باعة الملابس حيث اشترى «بدلة» سوداء عثمانية، ثم قصد إلى أحد حلاقي الأوبرا الخديوية فاشترى منه لحية وشاربا مستعارين، حتى إذا ما وضعهما ظهر لناظره أنه من عظماء الأتراك.
فعل ذلك كله وحضر إلى الفندق قبيل الساعة الثالثة، وللحال قدم تلاميذه فلما شاهدوه بالبدلة السوداء واللحية والشارب المستعارين أنكروه، فضحك كثيرا وسر من إحكام تنكره أكثر.
وعند الساعة الرابعة وبضع دقائق وصل تلميذه الأكبر يقود «ضحيته» إلى فندق شبرد، فاستأذن الذين على الباب بمقابلة دولة المندوب الأعظم، فأذنوا له بالدخول عليه.
وعند ذلك خلع الغني الريفي بلغته قبل أن يدخل جريا على العادة المتبعة عندهم، ثم دخل فخر حتى قدميه ولثم يد دولة المندوب العظيم الشأن، وجرت بعد هذا المحاورة الآتية، وقد رأيت أن أرمز إلى حافظ بحرف الحاء، مع بقاء «الغين» للغني و«التاء» لتلميذ نابغة المحتالين، فقال هذا الأخير بعد تبادل أقوال التحيات والتهنئة بسلامة القدوم:
ت :
Bilinmeyen sayfa