Nakabat
النكبات: خلاصة تاريخ سورية منذ العهد الأول بعد الطوفان إلى عهد الجمهورية بلبنان
Türler
وكان بين قواده الأمير فخر الدين المعني الأول (جد المعنيين الذين تولوا الحكم بعدئذ في لبنان)، الذي تردد وقومه في القتال قائلا: دعونا ننفرد لننظر لمن تكون النصرة فنقاتل معه. وكلمة المعني هذه تمثل حال أكثر من انضموا تحت لواء الغوري.
بعد وقعة مرج دابق استيقظت الفتنة في دمشق، ولكنها لم تدم غير بضعة أيام، فأخلدت المدينة للسكينة بعد ذلك، وفتحت أبوابها للسلطان العثماني.
وما لبث الأهالي أن أنوا أنين الضعيف المظلوم من الضرائب الفادحة، التي ضربها الفاتح على طبقات الناس كلها، ولم يستثن حتى المومسات.
وكان هذا السلطان ممن يحترمون الأولياء وأرباب الكرامات، ويستمدون من أرواحهم القدسية، فأمر بتعمير القبر المتداعي للعارف بالله محيي الدين بن عربي، وأنشأ في جواره جامعا وزاوية، ووقف عليهما وقفا كبيرا.
ثم زحف بجيشه إلى مصر ففتحها، وقتل مليكها طومنباي الذي بايعه المصريون بعد موت الغوري، ونكل بالشراكسة.
أما أهل الشام فقد قاسوا كثيرا من جنود سليم المرابطين؛ إذ كانوا يقطعون الأشجار، ويرعون الأزراع، ويخرجون الناس من بيوتهم ليتمتعوا بها وبمن فيها من الحسان.
وعندما عاد السلطان سليم بعد الفتح المصري، بدل أن يؤدب جنود الحامية، أذن لجنوده أيضا أن يدخلوا البيوت، فدخلوها فاتحين - والويل للحسان والولدان!
سرعان ما صار الناس يترحمون على الشراكسة ، كما يترحمون على الأتراك اليوم. ليس في هذه البلاد السورية شيء جديد.
كان السلطان سليم سفاحا سكيرا لواطا، لا يهمه بعد فتوحاته وقتل الشراكسة، غير لذته وسكره - الكلام لابن إياس - وإقامته في المقياس بين الصبيان المرد. وكان يقتل وزراءه وغيرهم في ساعة غضب بدون سبب، فقد قتل سبعة من الوزراء، وخنق سبعة عشر من إخوانه، وغيرهم من أهل بيته حين تولى الملك. ومن أمثال الأتراك السائرة في تلك الأيام: من أراد الموت فليكن وزيرا للسلطان سليم.
لذلك كان الوزراء يحملون صكوك وصاياهم في جيوبهم - أو هي من نكات ذاك الزمان - ويهنئون كل مرة يخرجون من المجلس السلطاني سالمين. مجلس السلطان سليم، من دخل إليه من الوزراء مفقود، ومن خرج منه مولود.
Bilinmeyen sayfa