114

تثقل على الفقهاء ، وتوحشهم ، وما تؤثر ما ينفرون منه ، وإن تعمد كثير من مخالفينا إيحاشنا ، وتسلقوا ، وتوصلوا إلى كل ما يثقل علينا من غير حاجة بهم في الموضع إليه. فأما من خالف في كون الإجماع حجة من النظام وغيره ، ممن أحال العلم بصحة إجماع الأمة على شيء ، أو أجاز ذلك وذكر أنه لا دليل يدل على أن إجماع الأمة حجة ، فإنه يدفع أيضا هذه الطريقة بأن يقول : أكثر ما فيها الإجماع على العمل بقبول أخبار الآحاد ، ولا حجة في الإجماع. وهذه الطريقة لا نرتضيها ؛ لأننا نذهب إلى أن في إجماع الأمة الحجة ، ولا يجوز أن يجمعوا على باطل.

ولنا بعد ذلك كله على هذه الطريقة وجهان من الكلام : أولهما : أن جميع ما وضعوا أيديهم عليه إنما هي أخبار آحاد لا توجب علما ، فإنهم دلوا على أن خبر الواحد حجة بأخبار آحاد ، وكيف يعولون على ما أحسن أحواله أن يوجب الظن فيما طريقه العلم والقطع ؛ لأنهم يدعون القطع والعلم بأن الله تعالى تعبدهم بالعمل بأخبار الآحاد في الشريعة ، فلا يجب أن يعولوا على ما لا يوجب العلم.

وقد حملهم سماع هذا الطعن منا على أن ادعوا أنهم يعلمون ضرورة عمل الصحابة على أخبار لا تبلغ حد التواتر ، وأنهم لم يعولوا هيهنا على خبر الواحد حتى يدخل أبو علي الجبائي معهم ؛ فإنه لا يعمل بخبر الواحد إذا انفرد ، ويذكرون أن العلم بذلك يجري مجرى العلم بأنهم كانوا يرجعون في الأحكام إلى القرآن والسنة المتواترة بها ، وكما يعلم رجوع العوام منهم إلى فتوى المفتي ، قالوا : نذكر الأخبار ليتطابق الجملة والتفصيل ، وربما قالوا كما نعلم ضرورة سخاء حاتم وإن لم نعلم تفاصيل ما يروى من عطاياه وجوائزه ، وكذلك شجاعة عمرو بن معد يكرب.

والجواب عن هذا الذي حملوا نفوسهم عند ضيق الحيلة عليه أن الضرورة لا تختص مع المشاركة في طريقها ، والإمامية وكل مخالف لهم في خبر الواحد من النظام وتابعيه وجماعة من شيوخ متكلمي المعتزلة كالقاساني بالأسر يخالفونهم فيما ادعوا فيه الضرورة مع الاختلاط بأهل الاخبار ، ويقسمون على

Sayfa 232