٢ - قال صاحب البحتري: أما الصحبة فما صحبه ولا تلمذ له، ولا روى ذلك أحدٌ عنه، ولا نقله، ولا رأى قط أنه محتاج إليه، ودليل هذا الخبر المستفيض من اجتماعهما وتعارفهما عند أبي سعيدٍ محمد بن يوسف الثغري وقد دخل إليه البحتري بقصيدته التي أولها:
أأفاق صبٌ من هوى فأفيقا؟
وأبو تمام حاضر، فلما أنشدها علق أبو تمام أبياتًا كثيرة منها، فلما فرغ من الإنشاد أقبل أبو تمام على محمد بن يوسف فقال: أيها الأمير، ما ظننت أحدًا يقدم على أن يسرق شعري وينشده بحضرتي حتى اليوم، ثم اندفع ينشد ما حفظه. حتى أتى على أبيات كثيرة من القصيدة، فبهت البحتري، ورأى أبو تمام الإنكار في وجه أبي سعيد محمد بن يوسف، فحينئذ قال له أبو تمام: أيها الأمير، والله ما الشعر إلا له، وإنه أحسن فيه الإحسان كله، وأقبل يقرظه ويصف معانيه، ويذكر محاسنه، ثم جعل يفخر باليمن، وأنهم ينبوع الشعر، ولم يقنع من محمد بن يوسف حتى أضعف للبحتري الجائزة.
فهذا الخبر الشائع يبطل ما ادعيتم؛ إذ كان من يقول هذه القصيدة التي هي من عين شعره وفاخر كلامه، وهو لا يعرف أبا تمام إلا أن يكون بالخبر،
1 / 7