فأتى النابغة زهير بن أبى سلمى، فأخبره الخبر، فقال زهير: اخرج بنا إلى البرّية؛ فإن الشعر برّىّ. فخرجا، فتبعهما ابن لزهير يقال له كعب، فقال: يا عمّ؛ أردفنى.
فصاح به أبوه، فقال النابغة: دع ابن أخى يكون معنا؛ فأردفه، فتجاولا البيت مليّا، فلم يأتهما ما يريدان. فقال كعب: فما يمنعك أن تقول:
وذاك بأن حللت العزّ منها ... فتمنع جانبيها أن يزولا
فقال النابغة: جاء بها وربّ الكعبة؛ لسنا والله فى شىء. قد جعلت لك يا ابن أخى ما جعل لى. قال: وما جعل لك يا عم؟ قال: مائة من العصافير نجائب. قال: ما كنت لآخذ على شعرى صفدا «٩» . فأتى النابغة النعمان بالبيت، فأخذ مائة ناقة سوداء الحدقة.
أخبرنا ابن دويد، قال: أخبرنا أبو حاتم، قال: حدثنى الأصمعى، قال: طفيل الغنوى أشبه الشعراء الأولين من زهير.
قال: ثم قال أبو عمر بن العلاء- وسأله رجل وأنا أسمع- النابغة أشعر أم زهير؟
فقال: ما يصلح زهير أن يكون أجيرا للنابغة.
ثم قال: أوس بن حجر أشعر من زهير، ولكن النابغة طأمنه.
حدثنى إبراهيم بن شهاب، قال: حدثنا الفضل بن الحباب، عن محمد بن سلام «١٠»، قال: حدثنى أبو عبيدة، قال: كان قراد بن حنش المرى من شعراء غطفان، وكان قليل الشعر جيّده، وكانت شعراء غطفان تغير على شعره، فتأخذه وتدّعيه، منهم زهير بن أبى سلمى؛ ادّعى هذه الأبيات «١١»:
إنّ الرّزيئة لا رزيئة «١٢» مثلها ... ما «١٣» تبتغى غطفان يوم أضلّت
وهى لقراد بن حنش «١٤» .
1 / 49