369

فى حكم فعل غيره ، ولذلك قلنا : إن ندم أهل النار لا يكون توبة ولا ينفع ، لما وقع منهم على جهة الإلجاء ، وإذا أعلمهم تعالى أنهم إن حاولوا القبيح منعهم منه لم يستحقوا على ذلك مدحا. كما أن أحدنا إذا علم أنه إن قصد ظالما بالقتل وغيره لمنع منه ، لم يمدح على امتناعه.

وليس فى ذلك دلالة على أن الإيمان لو وقع منهم اختيارا لم ينفعهم ، بل فى ظاهر الكلام دلالة عليه ، وهو قوله : ( آلآن وقد عصيت قبل ) فبين أن لهذه الحال تأثيرا فى أن لا ينفعه ما أظهره ، ولو كانت الأحوال متساوية لم يكن لهذا القول معنى. وفى الآية دلالة على العدل ، لأنه تعالى إن كان يخلق الإيمان فى الكل فلم تختلف أحوال المختار والملجأ ، وهما بمنزلة سواء فى أنه تعالى خلق الإيمان فيهما؟

وبعد ، فإن كان الإلجاء يمنع من الانتفاع بالإيمان فبأن يمتنع كونه ضرورة من خلقه تعالى أولى ، فلو كان الأمر كما يقولون لوجب أن يكون المختار أسوأ حالا من الملجأ ؛ لأنه قد أوجد فيه الإيمان وقدرته وإرادته ، ومنع من قدرة الكفر ، حتى لا يمكنه الانفكاك ، والملجأ قد يصح منه خلاف ما ألجئ إليه على بعض الوجوه. وكل ذلك يبين أن العبد قادر فاعل ، فلذلك اختلفت الأحوال.

** 332 مسألة :

الإيمان ، فقال ( إن الذين حقت عليهم كلمت ) (1) ربك لا يؤمنون ... [96]

والجواب عن ذلك قد تقدم ؛ لأنا قد بينا أن ظاهره أن كلمته تعالى الدالة

Sayfa 370