أبي جعفر ابن رزق - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وطريقته في ذلك واقتفاء لأثره فيه، وإن كنت أكثر احتفالا منه في ذلك لا سيما في أول كتاب الوضوء، فإني كنت أشبع القول فيه ببنائي إياه على مقدمات من الاعتقادات في أصول الديانات، وأصول الفقه في الأحكام الشرعيات، لا يسع جهلها، ولا يستقيم التفقه في فن من فنون الشرع قبلها، فله الفضل بالتقدم والسبق؛ لأنه نهج الطريق وأوضح السبيل ودل عليه بما كان يعتمده من ذلك مما لم يسبقه من تقدم من شيوخه إليه. فلقد سألته- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عما كان يستفتح به شيخه الفقيه أبو عمر بن القطان مناظرته في ابتداء كتب المدونة، فقال لي: كان لا يزيد على ما ذكره ابن أبي زيد في أوائل الكتب من مختصره، وكان لا ينتهي إلى ما وفق إليه فلقد كان- أكمل الله كرامته لديه- أفقه من شيوخه وأنفع للطالب منهم، وليس ذلك بغريب، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ومبلغ حديث إلى من هو أوعى له منه، والتوفيق بيد الله يؤتيه من يشاء. فأجبت السائل لما سألني من ذلك رجاء ثواب الله تعالى ورغبة في حسن المثوبة عليه، ووصلت ذلك ببعض ما أستطرد القول فيه من أعيان مسائل وقعت في المدونة ناقصة مفرقة، فذكرتها مجموعة ملخصة مشروحة بعللها مبينة، فاجتمع من ذلك تأليف مفيد لم يسبقني أحد ممن تقدم إلى مثله، سميته بكتاب المقدمات الممهدات، لبناء ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام الشرعيات، والتحصيلات المحكمات لأمهات مسائلها المشكلات. والله أسأله التوفيق في القول والعمل. من الزيغ والزلل بعزته ورحمته.
1 / 10