141

Müridin Arzusu

منية المريد

Türler

في نفسه مخدوع عن دينه ملبس عليه عاقبه أمره وإنما مثله مثل مريض به علة لا يزيلها إلا دواء مركب من أخلاط كثيرة لا يعرفها إلا حذاق الأطباء فسعى في طلب الطبيب بعد أن هاجر عن وطنه حتى عثر على طبيب حاذق فعلمه الدواء وفصل له الأخلاط وأنواعها ومقاديرها ومعادنها التي منها تجلب وعلمه كيفية دق كل واحد منها وكيفية خلطها وعجنها فتعلم ذلك منه وكتب منه نسخة حسنة بحسن خط ورجع إلى بيته وهو يكررها ويقرأها ويعلمها المرضى ولم يشتغل بشربها واستعمالها أفترى أن ذلك يغني عنه من مرضه شيئا هيهات لو كتب منه ألف نسخة وعلمه ألف مريض حتى شفي جميعهم وكرره كل ليلة ألف مرة لم يغنه ذلك من مرضه شيئا إلى أن يزن الذهب ويشتري الدواء ويخلطه كما تعلم ويشربه ويصبر على مرارته ويكون شربه في وقته وبعد تقديم الاحتماء وجميع شروطه وإذا فعل جميع ذلك كله فهو على خطر من شفائه فكيف إذا لم يشربه أصلا هكذا الفقيه إذا أحكم علم الطاعات ولم يعمل بها وأحكم علم المعاصي الدقيقة والجليلة ولم يجتنبها وأحكم علم الأخلاق المذمومة وما زكى نفسه منها وأحكم علم الأخلاق المحمودة ولم يتصف بها فهو مغرور في نفسه مخدوع عن دينه إذ قال الله تعالى قد أفلح من زكاها (1) ولم يقل قد أفلح من تعلم كيفية تزكيتها وكتب علمها وعلمها الناس. وعند هذا يقول له الشيطان لا يغرنك هذا المثال فإن العلم بالدواء لا يزيل المرض وأما أنت فمطلبك القرب من الله تعالى وثوابه والعلم يجلب الثواب ويتلو عليه الأخبار الواردة في فضائل العلم فإن كان المسكين معتوها مغرورا وافق ذلك هواه فاطمأن إليه وأهمل وإن كان كيسا فيقول للشيطان أتذكرني فضائل العلم وتنسيني ما ورد في العالم الذي لا يعمل بعلمه كقوله تعالى في وصفه مشيرا إلى بلعم بن باعوراء الذي كان في حضرته اثنا عشر ألف محبرة يكتبون عنه

Sayfa 151