ما لا يُؤخذ من اللغة إلا بالسماع:
ومنها ما لا يُؤخذ إلا بالسماع، ولا يُلتفت فيه إلى القياس، وهو الباب الأكثر نحو قولهم: رجل وحجر، فهذا مما لا يقدم عليه بقياس، بل يرجع فيه إلى السماع. فلهذه المعاني ونحوها ما كانت الحاجة بأهل علم العربية إلى التصريف ماسّة، وقليلا ما يعرفه أكثر١ أهل اللغة؛ لاشتغالهم بالسماع عن القياس.
تخليط أهل اللغة فيما سبيله القياس:
ولهذا ما لا٢ تكاد تجد لكثير من مصنفي اللغة كتابا إلا وفيه سهو وخلل في التصريف، وترى كتابه أسد شيء فيما يحكيه، فإذا رجع إلى القياس وأخذ يصرف ويشتق اضطرب كلامه وخلّط. وإذا تأملت ذلك في كتبهم لم يكد يخلو منه كتاب إلى الفرد، ويتكرر هذا التخليط على حسب طول الكتاب وقصره، وليس هذا غضا من أسلافنا، ولا توهينا لعلمائنا، كيف وبعلومهم نقتدي، وعلى أمثلتهم نحتذي، وإنما أردت بذلك التنبيه على فضل هذا القبيل من علم العربية، وأنه من أشرفه وأنفسه، حتى إن أهله المُشْبِلين عليه والمنصرفين إليه، كثيرا ما يخطئون فيه ويخلطون، فكيف بمن هو عنه بمعزل، وبعلم سواه متشاغل.
ما بين التصريف والاشتقاق والنحو واللغة:
وينبغي أن يعلم أن بين التصريف والاشتقاق نسبا٣ قريبا، واتصالا شديدا؛ لأن التصريف إنما هو أن تجيء إلى الكلمة الواحدة فتصرفها على وجوه شتى،
_________
١ أكثر: زيادة من ظ، ش.
٢ لا: ساقط من ص.
٣ ش، ظ: سببا.
1 / 3