وهذا من السرقة المذمومة، لأنه قد زاد الأول في المعنى فأتم به، فلفظه أعذب فهو أرجح وأحق بما قال.
وقال المتنبي:
يا حادَيي عِيرِها وأحْسبُني ... أُوجَدُ مَيتًا قُبيْلَ أفقدُها
قال أبو محمد: هذا متداول المعنى مبتذل المبنى فمنه قول ابن أبي فنن:
تَنادوا بليلٍ إن رحلتنا غدًا ... وناديت إنْ كانَ الفِراق غدًا مِتُّ
وقال ابن المعتز:
قَالوا: الرَحيل غدًا لا شَكَّ قُلت لَهُمْ ... بَلْ موت نَفْسي من قَبْل الرحيلِ غَدا
إني إذًا لصبورٌ إنْ بَقيتُ وَقدْ ... قَالوا الرحيلَ وإنْ لم يَرحلوا أبَدا
فالبيت الأول من قسم المساواة في الكلام والبيت الثاني زيادة في المعنى ما هو من تمامه.
وقال المتنبي:
قِفا قليلًا بِها عليَّ فَلا ... أقلَّ من نظرةٍ أُزوَّدُها
قال أبو محمد: معنى هذا البيت غير غريب، ولكن أبا الطيب لا يحقر شيئًا بل يأخذ الشعر الرفيع والوضيع، وهو في الأخذ كما قال ابن المعتز في العِشق:
قَلبي وثّابٌ إلى ذَا وذا ... لَيْسَ يرى شيئًا فيأباهُ
يَهيمُ بالحسنِ كما يَنْبغي ... ويَرهمُ القُبحَ فَيهواهُ